وتجافى- كما قلنا، ولو كان متأخّرا لقيل: ترآيا فإن وصلت حذفت لالتقاء الساكنين فقلت: تراءى الجمعان. وقرأ الأعرج وعبيد بن عمير قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ «١». قال الفراء «٢» : حفر واحتفر بمعنى واحد، وكذلك لمدركون ولمدّركون بمعنى واحد. قال أبو جعفر: وليس كذا يقول النحويون الحذاق، إنما يقولون مدركون ملحوقون، ومدّركون مجتهد في لحاقهم، كما يقال: كسبت بمعنى أصبت وظفرت، واكتسبت بمعنى اجتهدت وطلبت. وهذا معنى قول سيبويه.
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٦٩]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩)
على تخفيف الهمزة الثانية، وهو أحسن الوجوه لأنهم قد أجمعوا جميعا على تخفيف الثانية إذا كانتا في كلمة واحدة، نحو آدم، وإن شئت حققتهما فقلت: «نبأ إبراهيم» وإن شئت خفّفتهما فقلت «نبأ إبراهيم»، وإن شئت خففت الأولى فقلت «نبأ إبراهيم». وثمّ وجه خامس إلّا أنه بعيد في العربية، بعد لأنه جمع بين همزتين كأنهما في كلمة واحدة وحسن في فعال لأنه لا يأتي إلّا مدغما.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٧١ الى ٧٢]
قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (٧١) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢)
فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ خبر نظل.
قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ قال الأخفش: فيه حذف، والمعنى: هل يسمعون منكم أو هل يسمعون دعاءكم فحذف كما قال: [البسط] ٣١٣-

القائد الخيل منكوبا دوابرها قد أحكمت حكمات القدّ والأبقا «٣»
قال: والأبق الكتان فحذف. والمعنى: وقد أحكمت حكمات الأبق. وروي عن قتادة أنه قرأ قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ «٤» بضمّ الياء أي هل يسمعونكم أصواتهم. إِذْ تَدْعُونَ وإن شئت أدغمت الذال في التاء.
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٧٣]
أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣)
معطوف على يسمعونكم.
(١) انظر البحر المحيط ٧/ ١٩، ومختصر ابن خالويه ١٠٧.
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٨٠.
(٣) الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٤٩، ولسان العرب (أبق) و (حكم)، وتهذيب اللغة ٤/ ١١٤، وجمهرة اللغة ١٠٢٦، وتاج العروس (حكم)، ومجمل اللغة ١/ ١٥٩، ومقاييس اللغة ١/ ٣٩، وديوان الأدب ٢/ ٣٢٩، وأساس البلاغة (حكم)، وبلا نسبة في لسان العرب (حكم)، والمخصّص ٤/ ٧١، وديوان الأدب ٢/ ١٣٣، وكتاب العين (حكم).
(٤) انظر مختصر ابن خالويه ١٠٧.


الصفحة التالية
Icon