شُرَكاءَكُمْ
[القصص: ٦٤] أي الذين جعلتموهم مع الله جلّ وعزّ شركاؤكم لأنهم جعلوا لهم نصيبا من أموالهم، وهذا على جهة التوبيخ أي ادعوهم لينجوكم مما أنتم فيه، فدعوهم فلم يستجيبوا لهم أي فلم ينجّوهم ولم يعينوهم، فهذا معنى وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.
[سورة القصص (٢٨) : آية ٧٦]
إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦)
إن «قارون» لم ينصرف، لأنه اسم أعجميّ وما كان على فاعول أعجميا لا يحسن فيه الألف واللام لم ينصرف في المعرفة وانصرف في النكرة فإن حسنت فيه الألف واللام انصرف إن كان اسما لمذكر نحو طاوس وراقود. قال أبو إسحاق: ولو كان قارون من العربية من قرنت الشيء لانصرف. وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ إنّ واسمها في صلة «ما» قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول: ما أقبح ما يقول الكوفيون في الصلاة أنه لا يجوز أن يكون صلة الذي وأخواته «أنّ» وما علمت فيه وفي القرآن «ما أن مفاتحه». وهو جمع مفتح، ومن قال: مفتاح قال: مفاتيح لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أحسن ما قيل فيه أن المعنى لتنيء العصبة أي تميلهم من ثقلها. كما يقال:
ذهبت به وأذهبته، وجئت به وأجأته، وأنأته ونؤت به. فأما قولهم: له عندي ما ساءه وناءه فهو إتباع كان يجب أن يقال: وأناءه ومثله يقال: هنأني الشيء ومرأني وأخذه ما قدم وما حدث. إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ تأوله الفراء «١» على أن موسى صلّى الله عليه وسلّم هو الذي قال له وحده فجمع، ومثله عنده الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ [آل عمران: ١٧٣] وإنما هو نعيم ابن مسعود رجل من أشجع وحده. قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول:
غير هذا، وينكر ما قال الفراء لأنه بطلان البيان. قال: وإنما هذا على أن نعيما قاله ومن يذهب مذهبه. لا تَفْرَحْ تأوله أبو إسحاق على أنّ المعنى لا تفرح بالمال لأنّ الفرح لا يؤدي فيه الحق. إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ فرّق الفراء «٢» بين الفرحين والفارحين، وزعم أن الفرحين الذين هم في حال الفرح وأن الفارحين الذين يفرحون في المستقبل، وزعم أن مثله طمع وطامع وميّت ومائت، وبذلك على خلاف ما قال قول الله جلّ وعزّ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر: ٣٠] ولم يقل: مائت.
[سورة القصص (٢٨) : آية ٧٨]
قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)
قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي تأوله الفراء «٣» على معنيين: أحدهما على فضل عندي، والآخر على علم فيما رأى، كما تقول: هذا كذا عندي، وقال أبو إسحاق:
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٣١١.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٣١١.