المكان إذا تبيّنت فيه عورة وأعور الفارس إذا تبيّن منه موضع خلل. إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً أي ليس قصدهم ما قالوا وإنما قصدهم للفرار.
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ١٤ الى ١٥]
وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلاً (١٥)
وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها وهي البيوت أو المدينة. ثمّ سئلوا الفتنة لأتوها هذه قراءة أهل الحرمين، وقراءة أهل البصرة وأهل الكوفة لَآتَوْها «١» وهو اختيار أبي عبيد، واحتجّ بحديث «٢» الجماعة الذين فيهم بلال أنهم أعطوا الفتنة من أنفسهم غير بلال. قال أبو جعفر: الحديث في أمر بلال لا يشبه الآية، لأن الله جلّ وعزّ خبّر عن هؤلاء بهذا الخبر وبلال وأصحابه إنما أكرهوا، وفي هذه الآية: وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها أي لو دخل عليهم الكفار لجاءوهم، وهذا خلاف ما عاهدوا الله عليه وفي القصّة وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ فهذا يدلّ على «لأتوها» مقصورا.
وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً أي كان العذاب يأخذهم أو يهلكون.
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ١٦]
قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦)
وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا وفي بعض الروايات وإذا لا تمتّعوا تنصب بإذن، والرفع بمعنى لا تمتّعون إذن فتكون إذن ملغاة، ويجوز إعمالها فهذا حكمها إذا كان قبلها الواو أو الفاء، فإن كانت مبتدأة نصبت بها فقلت: إذن أكرمكم. وروى سيبويه «٣» عن بعض أصحاب الخليل عن الخليل رحمه الله أنّ «أن» معها مضمرة وسماعه منه النصب بها فإن توسّطت لم يجز أن تنصب عند البصريين تقول: أنا إذن أكرمك، وكنت إذن أكرمك، وإنّي إذن أكرمك. الفراء «٤» ينصب هنا أعني في «إنّ» خاصة، وأنشد: [الرجز] ٣٤٢-
إنّي إذا أهلك أو أطيرا «٥»

(١) انظر تيسير الداني ١٤٥.
(٢) انظر تفسير الطبري ١٤/ ١٤٩.
(٣) انظر الكتاب ٣/ ١٤.
(٤) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٣٨.
(٥) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (شطر) وتهذيب اللغة ١١/ ٣٠٨، وتاج العروس (شطر)، ومقاييس اللغة ٣/ ١٨٧، ومجمل اللغة ٣/ ١٨٥، وأساس البلاغة (شطر)، والإنصاف ١/ ١٧٧، وأوضح المسالك ٤/ ١٦٦، والجنى الداني ٣٦٢، وخزانة الأدب ٨/ ٤٥٦، والدرر ٤: ٧٢، ورصف المباني ٦٦، وشرح الأشموني ٣/ ٥٥٤، وشرح التصريح ٢/ ٢٣٤، وشرح شواهد المغني ١/ ٧٠، وشرح المفصل ٧/ ١٧، ومغني اللبيب ١/ ٢٢، والمقاصد النحوية ٤/ ٣٨٣، والمقرّب ١/ ٢٦١، وهمع الهوامع ٢/ ٧.
وقبله:
«لا تدعني فيهم شطيرا»


الصفحة التالية
Icon