يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ هذه قراءة شيبة ونافع وأبي عمرو وعاصم، وقرأ شقيق بن سلمة ويزيد بن القعقاع ويحيى بن وثّاب وحمزة والكسائي هل من خالق غير الله «١» ويجوز نصب غير على الاستثناء. والرفع من جهتين:
إحداهما بمعنى: هل من خالق إلّا الله بمعنى ما خالق إلّا الله، والوجه الثاني أن يكون نعتا على الموضع، لأن المعنى هو خالق غير الله. والخفض على اللفظ، وقال حماد ابن سلمة: حدّثنا حميد الطويل قال: قلت للحسن: من خلق الشرّ؟ فقال: سبحان الله، هل من خالق غير الله جلّ وعزّ الله خلق الخير والشرّ.
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٤]
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤)
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ تأسيا له صلّى الله عليه وسلّم. وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ قال أبو إسحاق: أي الأمور مرجعها إلى الله جلّ وعزّ فيجازي من كذّب وينصر من كذّب من رسله.
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٥]
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥)
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا قال سعيد بن جبير: غرور الحياة الدنيا أن يشغل الإنسان بنعيمها وفتنتها عن عمل الآخرة حتى يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي [الفجر: ٢٤] وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ. وقال شعبة عن سماك وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ «٢» بضم الغين. وفيه ثلاثة أقوال: منها أن يكون مع غار، كما تقول جالس وجلوس، وهذا أحسن ما قيل فيه، ويكون معناه كمعنى «الغرور»، قال أبو حاتم:
الغرور جمع غر، وغر مصدر، والقول الثالث يكون الغرور مصدرا، وهذا بعيد عند أبي إسحاق لأن غررته متعد، والمصدر من المتعدّي إنّما هو على فعل نحو ضربته ضربا إلّا أشياء يسيرة سمعت لا يقاس عليها قالوا: لزمته لزما، ونهكه المرض نهوكا. فأما معنى هذا الحرف فأحسن ما قيل فيه ما قاله سعيد بن جبير، قال: الغرور بالله جلّ وعزّ أن يكون الإنسان يعمل المعاصي ثم يتمنّى على الله جلّ وعزّ المغفرة.
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٦]
إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦)
إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ ويكون عدوّ بمعنى معاد فيثنّى ويجمع ويؤنث، ويكون بمعنى النسب فيكون موحّدا بكلّ حال كما قال جلّ وعزّ: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي [الشعراء:
٧٧] وفي المؤنث على هذا عدوّ أيضا. فأما قول بعض النحويين: إن الواو خفيّة فجاؤوا بالهاء فخطأ بل الواو حرف جلد. فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا مفعولان. إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ
(٢) انظر مختصر ابن خالويه ١٢٢.