لا فِيها غَوْلٌ ويقال بمعناه: غيلة وغائلة، وهو ما يؤذي الإنسان من الصداع أو غيره وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ قراءة أهل المدينة وأهل البصرة وعاصم، وقرأ سائر الكوفيين إلّا عاصما يُنْزَفُونَ «١» بكسر الزاي. قال أبو جعفر: والقراءة الأولى أبين وأصحّ في المعنى لأن معنى «ينزفون» عند جلّة أهل التفسير منهم مجاهد لا تذهب عقولهم فنفى الله جلّ وعزّ عن خمر الجنة الآفات التي تلحق في الدنيا من خمرها من الصداع والسكر. فأما معنى «ينزفون» فالصحيح فيه أنه يقال: أنزف الرجل إذا نفد شرابه، وهذا يبعد أن يوصف به شراب أهل الجنة، ولكن مجازه أن يكون بمعنى لا ينفذ أبدا.
[سورة الصافات (٣٧) : آية ٤٨]
وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨)
عن ابن عباس ومجاهد ومحمد بن كعب قالوا: قصرن طرفهنّ على أزواجهن فلا يبغين غيرهم، وقال عكرمة: قاصرات الطرف أي محبوسات على أزواجهن والتفسير الأول أبين لأنه ليس في الآية مقصورات موضع آخر حُورٌ مَقْصُوراتٌ [الرحمن:
٧٢] من قول العرب امرأة قصيرة ومقصورة إذا حبست على زوجها. عِينٌ جمع عيناء والأصل فيه فعل فكسرت العين لئلا تنقلب الياء واوا.
[سورة الصافات (٣٧) : آية ٤٩]
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)
قال مطر الوراق: أي بيض محضون أي لم توسّخه الأيدي. قال أبو جعفر:
هكذا تقول العرب إذا وصفت الشيء بالحسن والنظافة كأنه بيض النّعام المغطّى بالريش.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٥٠ الى ٥٢]
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢)
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ وإدغام التاء في السين جائز في العربية. قال الأخفش: إنما سأل عن صاحبه ثم أخبر فقال إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ قال سعد بن مسعود:
وشريكه قرينه، وهما رجلان من بني إسرائيل اشتركا في تجارة فربحا ستة آلاف دينار، فأخذ كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار، فافترقا فلقي أحدهما صاحبه فقال له: هل علمت أني تزوجت امرأة من أفضل نساء بني إسرائيل بألف دينار؟ فمضى صاحبه فأخذ ألف دينار تصدّق بها على المساكين والفقراء وقال: اللهمّ إنّ صاحبي تزوّج امرأة يموت عنها، ويكبر وتفارقه، وأني أسألك أن تنكحني امرأة من نساء أهل الجنّة بهذه الألف،

(١) انظر تيسير الداني ١٥١، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٤٧.


الصفحة التالية
Icon