ثم إنّ صاحبه لقيه فقال له: هل علمت أني اشتريت مسكنا من أفضل مساكن بني إسرائيل بألف دينار؟ فمضى صاحبه فتصدّق بألف دينار على الفقراء والمساكين وقال:
اللهم إني اشتريت منك مسكنا من مساكن أهل الجنّة بهذه الألف دينار، ثمّ لقي صاحبه فقال: هل علمت أني اشتريت جنة من أفضل جنة بني إسرائيل بألف دينار فصرت من أفضلهم بزوجتي ومسكني وجنتي؟ فمضى صاحبه فتصدّق بالألف الباقي على الفقراء والمساكين وقال: اللهم إنّي قد اشتريت منك جنة الخلد بهذا الألف، ثمّ إنّ صاحبه الذي اكترى أجراء لجنّته فإذا هو بصاحبه فيهم فعرفه فدعا به فقال له أشحّ هذا أم أفسدت ملكك فحدّثه بالقصة، فقال له: أتتوهّم أنك ستبعث ثم تدان بما علمت أنك لمغرور وإنّ هذا لباطل، ففيهما أنزل الله جلّ وعزّ «قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ» إلى مِنَ الْمُحْضَرِينَ.
قال أبو جعفر: التقدير أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ بأنّا مدينون أي محاسبون مجاوزون بأعمالنا ثم حذفت الياء وكسرت «إنّ»، لأن في خبرها اللام، ولا يجوز أنك لمن المصدّقين لأنه لا معنى للصدقة هاهنا.
[سورة الصافات (٣٧) : آية ٥٤]
قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤)
وحكي هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ «١». قال أبو إسحاق: يقال: طلع، وأطلع بمعنى واحد، وقد حكي: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ بكسر النون وهي لحن لا يجوز لأنه جمع بين النون والإضافة، ولو كان مضافا لكان هل أنتم مطلعيّ، وإن كان سيبويه والفراء حكيا مثله، وأنشدا: [الطويل] ٣٦٨-
هم القائلون الخير والآمرونه | إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما «٢» |
ولم يرتفق والنّاس محتضرونه | جميعا وأيدي المعتفين رواهقه «٣» |
وما أدري وظنّي كلّ ظنّ | أمسلمني إلى قومي شراح «٤» |
(٢) البيت بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١/ ٣٩٢، والكتاب ١/ ٢٤٧، وخزانة الأدب ٤/ ٢٦٦، والدرر ٦/ ٢٣٥، وشرح المفصّل ٢/ ١٢٥، ولسان العرب (طلع)، و (حين)، و (ها)، ومجالس ثعلب ١/ ١٥٠، وهمع الهوامع ٢/ ١٥٧.
(٣) البيت بلا نسبة في الكتاب ١/ ٢٤٨، وخزانة الأدب ٤/ ٢٦٦، وشرح المفصّل ٢/ ١٢٥، والمقرّب ١/ ١٢٥، والكامل ٣٧١.
(٤) الشاهد ليزيد بن محرم الحارثي في شرح شواهد المغني ٢/ ٧٧٠، والدرر ١/ ٢١٢، والمقاصد النحوية ١/ ٣٨٥، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣/ ٢٤٣، وتذكرة النحاة ٤٢٢، ورصف المباني ٣٦٣، ولسان العرب (شرحل)، والمحتسب ٢/ ٢٢٠، ومغني اللبيب ٢/ ٣٤٥، والمقرّب ١/ ١٢٥، وهمع الهوامع ١/ ٦٥.