قال أبو جعفر: أنشدني داود بن الهيثم قال: أنشدني ثعلب: [الخفيف] ٢٩٤-

ليت شعري هل للمحبّ شفاء من جوى حبّهنّ إنّ اللّقاء «١»
أي: نعم، فهذا قول. وقال أبو زيد والكسائي والأخفش والفراء: هذا على لغة بني الحارث بن كعب. قال الفراء: يقولون: رأيت الزّيدان، ومررت بالزّيدان وأنشد: [الطويل] ٢٩٥-
فأطرق إطراق الشّجاع ولو يرى مساغا لناباه الشّجاع لصمّما «٢»
وحكى أبو الخطاب أنّ هذه لغة بني كنانة، وللفراء قول آخر قال: وجدت الألف دعامة ليست بلام الفعل فزدت عليها نونا ولم أغيرها، كما قلت: الذي، ثم زدت عليها نونا فقلت: جاءني الذين عندك، ورأيت الذين عندك. قال أبو جعفر: وقيل: شبّهت الألف في قولك: هذان بالألف في يفعلان، فلم تغير. قال أبو إسحاق: النحويون القدماء يقولون: الهاء هاهنا مضمرة، والمعنى: إنّه هذان لساحران. فهذه خمسة أقوال، قال أبو جعفر: وسألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية فقال: إن شئت أجبتك بجواب النحويين، وإن شئت أجبتك بقولي فقلت: بقولك، فقال: سألني إسماعيل بن إسحاق عنها فقلت: القول عندي أنه لما كان يقال: هذا في موضع الرفع والنصب والخفض على حال واحدة، وكانت التثنية يجب أن لا يغيّر لها الواحد أجريت التثنية مجرى الواحد، فقال: ما أحسن هذا لو تقدّمك بالقول به حتى يؤنس به، فقلت: فيقول القاضي «به» حتى يؤنس به فتبسّم. قال أبو جعفر: القول الأول أحسن إلّا أنّ فيه شيئا لأنه إنما قال: إنما يقال: نعم زيد خارج، ولا يكاد يقع اللام هاهنا، وإن كان النحويون قد تكلّموا في ذلك فقالوا: اللّام ينوى بها التقديم. وقال أبو إسحاق: المعنى إنّ هذان لهما ساحران، ثمّ حذف المبتدأ كما قال: [الرجز] ٢٩٦-
أمّ الحليس لعجوز شهربه «٣»
والقول الثاني من أحسن ما حملت عليه الآية إذ كانت هذه اللّغة معروفة، وقد
(١) لم أجده في المراجع اللغوية.
(٢) الشاهد للمتلمّس في ديوانه ٣٤، والحيوان ٤/ ٢٦٣، وخزانة الأدب ٧/ ٤٨٧، والمؤتلف والمختلف ص ٧١، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ٧٥٧، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٧٠٤، وشرح الأشموني ١/ ٣٤، وشرح المفصّل ٣/ ١٢٨.
(٣) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٧٠، وشرح التصريح ١/ ١٧٤، وشرح المفصّل ٣/ ١٣٠، وله أو لعنترة بن عروس في خزانة الأدب ١٠/ ٣٢٣، والدرر ٢/ ١٨٧، وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٠٤، والمقاصد النحوية ١/ ٥٣٥، وبلا نسبة في لسان العرب (شهرب)، وجمهرة اللغة ص ١١٢١، وتاج العروس (شهرب) و (لوم)، وأوضح المسالك ١/ ٢١٠، وتخليص الشواهد ٣٥٨، والجنى الداني ص ١٢٨، ورصف المباني ٣٣٦، وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٣٧٨، وشرح الأشموني ١/ ١٤١، وشرح ابن عقيل ص ١٨٥، وشرح المفصل ٧/ ٥٧، ومغني اللبيب ١/ ٢٣٠، وهمع الهوامع ١/ ١٤٠.


الصفحة التالية
Icon