فظنّ أن له بذلك فضلا عليهم فأخذ قبضة من أثر دابّة جبرائيل عليه السلام ونبذها في العجل، وإنما فعل هذا ليوهمهم أنه يجب أن يعظّم العجل لهذا قال أبو إسحاق:
ويجوز قبضة مثل غرفة. والقبضة مقدار ملء الكفّ، والقبضة بالفتح ملء الكفّ كلّها.
وقرأ الحسن فَقَبَضْتُ قَبْضَةً «١» وفسّرها بأطراف الأصابع.
[سورة طه (٢٠) : آية ٩٧]
قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (٩٧)
على التبرية، قال هارون ولغة العرب «لا مساس» بكسر السين وفتح الميم. وقد تكلم النحويون في هذا. فأما سيبويه «٢» فيذهب إلى أنه مبني على الكسر، كما يقال:
اضرب الرّجل، وشرح هذا أبو إسحاق فقال: لا مساس نفي وكسرت السين لأن الكسر من علامة المؤنّث. تقول: فعلت يا امرأة، وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: إذا اعتلّ الشيء من ثلاث جهات وجب أن يبنى وإذا اعتلّ من جهتين وجب أن لا يصرف لأنه ليس بعد ترك الصرف إلّا البناء فمساس ودراك اعتلّ من ثلاث جهات: منها أنه معدول، ومنها أنه مؤنث، وأنه معرفة. فلمّا وجب البناء فيها وكانت الألف قبل السين ساكنة كسرت السين لالتقاء الساكنين، كما يقال: اضرب الرجل. قال أبو جعفر: ورأيت أبا إسحاق يذهب إلى أن هذا القول خطأ، وألزم أبا العباس إذا سمّى امرأة بفرعون أن يبينه ولا يقول هذا أحد. وقرأ البصريون وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ «٣» بكسر اللام فيحتمل معنيين: أحدهما لن تجده مخلفا، كما يقال:
أحمدته أي وجدته محمودا، والمعنى الآخر على التهديد أي لا بدّ لك من أن تصير إليه، وفي قراءة ابن مسعود رحمة الله عليه الَّذِي ظَلْتَ «٤» بكسر الظاء. ويقال:
ظللت أفعل ذاك إذا فعلته نهارا، وظلت وظلت: فمن قال: ظلت حذف اللام تخفيفا، ومن قال: ظلت ألقى حركة اللام على الظاء. عاكِفاً خبر. يروى عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه (لنحرقنّه) «٥» وكذلك يروى عن أبي جعفر، وقرأ الحسن (لنحرقنّه) «٦»، وعن سائر الناس لَنُحَرِّقَنَّهُ «٧». يقال: حرقه يحرقه، ويحرقه إذا نحته
(٢) انظر الكتاب ٣/ ٣٠٧.
(٣) انظر البحر المحيط ٦/ ٢٥٦، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٤٢٤.
(٤) انظر مختصر ابن خالويه ٨٩، والبحر المحيط ٦/ ٢٥٧.
(٥) انظر معاني الفراء ٢/ ١٩١، والبحر المحيط ٦/ ٢٥٧.
(٦) انظر البحر المحيط ٦/ ٢٥٧. [.....]
(٧) انظر البحر المحيط ٦/ ٢٥٧.