أبيح ولم يمنع منه. فإذا كان حرام وحرم بمعنى واحد فمعناه أنه قد ضيّق الخروج منه ومنع فقد دخل في باب المحظور بهذا، فأما قول أبي عبيد: إنّ «لا» زائدة فقد ردّه عليه جماعة لأنها لا تزاد في مثل هذا الموضع، ولا فيما يقع فيه إشكال، ولو كانت زائدة لكان التأويل بعيدا أيضا، لأنه إن أراد وحرام على قرية أهلكناها أنهم يرجعون إلى الدنيا. فهذا ما لا فائدة فيه، وإن أراد التوبة فالتوبة لا تحرّم.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٩٦ الى ٩٧]
حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧)
حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وقرأ عاصم والأعرج يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ «١» بالهمز. قال أبو إسحاق: هما مشتقّان من أجّة الحريق، ومن ملح أجاج. ولا يصرف، تجعلهما اسما للقبيلتين على فاعول ومفعول، ومن لم يهمز جعلهما أعجميين على قول أكثر النحويين. قال الأخفش: يأجوج: من يججت، ومأجوج:
من مججت. وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال: من كل شرف يقبلون. والتقدير في العربية: حتّى إذا فتح سدّ يأجوج ومأجوج، مثل وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢]. فأما جواب إذا ففيه ثلاثة أقوال: قال الكسائي والفراء: حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحقّ والواو عندهما زائدة، وأنشد الفراء: [الطويل] ٣٠٣-
فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى | بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل «٢» |
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٩٨]
إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨)
المعنى إنكم والأوثان التي تعبدونها من دون الله. ولا يدخل في هذا عيسى صلّى الله عليه وسلّم، ولا عزير، ولا الملائكة لأن «ما» لغير الآدميين. والمعنى: لأن أوثانهم تدخل معهم
(٢) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ١٥، وأدب الكاتب ٣٥٣، والأزهية ٢٣٤، وخزانة الأدب ١١/ ٤٣، ولسان العرب (جوز)، وتاج العروس (عقل)، والمنصف ٣/ ٤١، وبلا نسبة في رصف المباني ص ٤٢٥.