المفتوحة مصدر والمكسورة اسم، والاسم هاهنا أولى من المصدر، والجهة الأخرى أن المصدر إنما تستعمله العرب هاهنا على فعلان فيقولون: نسيت نسيانا.
[سورة مريم (١٩) : آية ٢٤]
فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤)
فَناداها مِنْ تَحْتِها فأما أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة إلّا الحسن وأبا عمرو النّخعي وعاصما فإنهم قرءوا من تحتها «١» بفتح الميم. فزعم أبو عبيد أن من قرأ «من تحتها» جاز في قراءته أن يكون لجبرائيل صلّى الله عليه وسلّم ولعيسى عليه السلام، ومن قرأ «من تحتها» فهو لعيسى صلّى الله عليه وسلّم خاصّة. قال أبو جعفر: «من» اسم و «تحتها» ظرف ولا يمتنع أن يكون معناه لجبرائيل صلّى الله عليه وسلّم كما كان في الأول «٢».
[سورة مريم (١٩) : آية ٢٥]
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥)
فيه ستّ قراءات: قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وعاصم والكسائي تُساقِطْ بالتاء وتشديد السين، وقرأ الأعمش وحمزة تساقط بالتاء وتخفيف السين، وقرأ البراء بن عازب يسّاقط بالياء وتشديد السين، وقرأ مسروق بن الأجدع تسقط والقراءتان الباقيتان تُساقِطْ ونساقط. قال أبو جعفر: فالقراءة الأولى أصلها تتساقط ثم أدغمت التاء في السين، والثانية على الحذف، والثالثة على الإدغام ولا يجوز معها الحذف. ونصب رطب في هذه القراءات الثلاث على البيان كما قال: [الطويل] ٢٨٣-
فلو أنّها نفس تموت سويّة | ولكنّها نفس تساقط أنفسا «٣» |
[سورة مريم (١٩) : آية ٢٦]
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً قال أبو إسحاق: فكلي من الرطب واشربي من الماء.
قال وعَيْناً منصوب على التمييز. قال أبو جعفر: الأصل أأكلي بهمزتين فحذفت
(٢) انظر البحر المحيط ٦/ ١٧٥، وتيسير الداني ١٢١، ومعاني الفراء ٢/ ١٦٦.
(٣) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ١٠٧، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٦٤٨، وشرح المفصّل ٩/ ٨، ولسان العرب (جمع)، وتفسير الطبري ١٣/ ١٥٢، وشرح القصائد السبع لابن الأنباري ٤٢٣.