من قبله وَمِنْ خَلْفِهِ من بعده أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ «أن» في موضع نصب أي بأن إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ نعت لليوم ولو كان نعتا لعذاب لنصب. ولا يجوز الجوار في كتاب الله تعالى وإنما يقع في الغلط.
[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٢٤]
فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٤)
قال محمد بن يزيد: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً فيه جوابان: يكون التقدير فلمّا رأوا السحاب، وإن كان لم يتقدّم للسّحاب ذكر لأنّ الضمير قد عرف ودل عليه «عارضا»، والجواب الآخر أن يكون جوابا لقولهم فَأْتِنا بِما تَعِدُنا أي فلمّا رأوا ما يوعدون عارضا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ يقدّر فيه التنوين، وكذا قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا أو ممطر لنا، كما قال: [البسيط] ٤٢٤-
يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم
«١» أي غابط لنا. بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ قال الفراء «٢» : وفي حرف عبد الله: قل بل ما استعجلتم به هي ريح فيها عذاب أليم. قال: وهي وهو مثل مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى [القيامة: ٣٧] ويمنى. من قال: هو، ذهب إلى العذاب، ومن قال هي، ذهب إلى الريح.
[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٢٥]
تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاَّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥)
فأصبحوا لا ترى إلّا مساكنهم هذه قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو والكسائي «٣»، وهي المعروفة من قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس.
وقرأ الأعمش وحمزة وعاصم فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ وهي المعروفة من قراءة ابن مسعود ومجاهد، وقرأ الحسن وعاصم الجحدريّ فأصبحوا لا ترى إلّا مساكنهم «٤» بالتاء ورفع المساكن على اسم ما لم يسمّ فاعله. وهذه القراءة عند الفراء

(١) الشاهد لجرير في ديوانه ١٦٣، والكتاب ١/ ٤٩٢، والدرر ٥/ ٩، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٤٥٧، وشرح التصريح ٢/ ٢٨، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧١٢، ولسان العرب (عرض)، ومغني اللبيب ١/ ٥١١، والمقاصد النحوية ٣/ ٣٦٤، والمقتضب ٤/ ١٥٠، وهمع الهوامع ٣/ ٤٧، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٣٠٥، والمقتضب ٣/ ٢٢٧. وعجزه:
«لاقى مباعدة منكم وحرمانا»
(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٥٥.
(٣) انظر تيسير الداني ١٦٢، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٩٨.
(٤) انظر البحر المحيط ٨/ ٦٥.


الصفحة التالية
Icon