[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٢٩]

وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩)
وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ «إذ» في موضع نصب قيل: مضى «صرفنا» وقفناهم لذلك فسمّي صرفا مجازا فَلَمَّا قُضِيَ أي فرغ من تلاوته وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ أي مخوّفين من ترك قبول الحق ونصب «منذرين» على الحال.
[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٣٠]
قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠)
قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً وأجاز سيبويه «١» في بعض اللغات فتح «أنّ» بعد القول. أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ «يهدي» في موضع نصب لأنه نعت لكتاب، ويجوز أن يكون منصوبا على الحال، وهو مرفوع لأنه فعل مستقبل.
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٣١ الى ٣٢]
يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٢)
يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ جواب الأمر، وكذا وَيُجِرْكُمْ.
[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٣٣]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ ليس من التعب وإنما يقال في التعب: أعيا يعيي وعيي بالأمر يعي وعيّ به إذا لم يتّجه له. بقدر «٢» هذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وابن كثير وأبي عمرو والأعمش وحمزة والكسائي، وقرأ عبد الرحمن الأعرج وابن أبي إسحاق وعاصم الجحدري يقدر «٣» وقد زعم بعض النحويين أن القراءة بيقدر أولى لأن الباء إنما تدخل في النفي وهذا إيجاب وتعجّب من أبي عمرو والكسائي كيف جاز عليهما مثل هذا حتّى غلطا فيه مع محلّهما من العربية قال أبو جعفر: وفي هذا طعن على من تقوم الحجّة بقراءته ومع ذلك فقد أجمعت الأئمة على أن قرءوا أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ [يس:
٨١] ولا نعلم بينهما فرقا ولا تجتمع الجماعة على ما لا يجوز. وقد تكلّم النحويون في الآية التي أشكلت على قائل هذا فقال الكسائي: إنما دخلت الباء من أجل «لم» وهذا
(١) انظر الكتاب ١/ ١٧٨، و ٣/ ١٦٣.
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ٦٧.
(٣) انظر البحر المحيط ٨/ ٦٨.


الصفحة التالية
Icon