يسمّ فاعله. أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ (أن) في موضع نصب خبر عسيتم. وهذه اللغة الفصيحة، ومن العرب من يحذف «أن» من الخبر، كما قال: [الوافر] ٤٢٧-
عسى الهمّ الّذي أمسيت فيه | يكون وراءه فرج قريب |
[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]
أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤)
أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣) ثم قال جلّ وعزّ بعد أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وقد تقدّم وصفهم بالصّمم والعمى، فمن أصحّ ما قيل في هذا وأحسنه أن المعنى: أولئك الذين لعنهم الله فلم ينلهم ثوابا فهم بمنزلة الصمّ لا يسمعون ثناء حسنا عليهم ولا يبصرون ما يسرّون به من الثواب، فهذا جواب بيّن. وقد قيل: إنه دعاء، وقد قيل: إنهم لا يسمعون أي لا يعلمون. وقد تأوّل بعض العلماء حديث أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «إنّ الميّت ليسمع خفق نعالهم» «٢» أي ليعلم. وتأويل حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أهل القليب الذين قتلوا يوم بدر حين خاطبهم فقال: «هل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا» «٣» ثمّ أخبر أنّهم يسمعون ذلك فتأول صاحب ذلك التأويل على أنّهم يعلمونه، واحتج بقول الله عزّ وجلّ: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى [النمل: ٨٠] وهذا التأويل قد ردّه جماعة من العلماء على متأوليه لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو المبين عن الله عزّ وجلّ، وهو القائل «إنّ الميّت ليسمع خفق نعالهم» والمخبر بعذاب القبر ومساءلة الميّت وكذا أكثر أصحابه على ذلك يخبرون بتأدية الأعمال إلى الموتى فالصواب من ذلك أن يقال: إنّ الله جلّ وعزّ يؤدّي إلى الموتى من بني أدم ما شاء على ما شاء ويعذب من شاء ممن يستحقّ بما يشاء فأما قوله جلّ وعزّ: وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ [فاطر: ٢٢] وإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى [النمل: ٨٠].
(١) الشاهد لهدبة بن خشرم في الكتاب ٣/ ١٨١، وخزانة الأدب ٩/ ٣٢٨، وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٤٢، والدرر ٢/ ١٤٥، وشرح التصريح ١/ ٢٠٦، وشرح شواهد الإيضاح ٩٧، وشرح شواهد المغني ٤٤٣، واللمع ٢٢٥، والمقاصد النحوية ٢/ ١٨٤، وبلا نسبة في أسرار العربية ١٢٨، وتخليص الشواهد ٣٢٦، وخزانة الأدب ٩/ ٣١٦، والجنى الداني ص ٤٦٢، وشرح ابن عقيل ١٦٥، وشرح عمدة الحافظ ٨١٦، والمقرب ١/ ٩٨، وشرح المفصل ٧/ ١١٧، ومغني اللبيب ص ١٥٢، والمقتضب ٣/ ٧٠، وهمع الهوامع ١/ ١٣٠.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ٤٤٥، وذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٢/ ٤٦، والسيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨٢، والقرطبي في تفسيره ٧/ ٣٧٧، والهيثمي في مجمع الزوائد ٣/ ٥٤.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٥/ ٩٧، ٩٨، ومسلم في صحيحه، الجنة ٧٦، والنسائي في سننه ٤/ ١٠١، وأحمد في مسنده ٢/ ٣٨، ١٣٠، و ٣/ ١٠٤، ١٤٥، و ٤/ ٩، وذكره ابن أبي شيبة في مصنّفه ١٤/ ٣٧٧، والبيهقي في دلائل النبوة ٣/ ٤٨، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٥/ ٢٣. [.....]
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ٤٤٥، وذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٢/ ٤٦، والسيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨٢، والقرطبي في تفسيره ٧/ ٣٧٧، والهيثمي في مجمع الزوائد ٣/ ٥٤.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٥/ ٩٧، ٩٨، ومسلم في صحيحه، الجنة ٧٦، والنسائي في سننه ٤/ ١٠١، وأحمد في مسنده ٢/ ٣٨، ١٣٠، و ٣/ ١٠٤، ١٤٥، و ٤/ ٩، وذكره ابن أبي شيبة في مصنّفه ١٤/ ٣٧٧، والبيهقي في دلائل النبوة ٣/ ٤٨، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٥/ ٢٣. [.....]