ترك لنا دارا حتّى باعها وقت الهجرة فهذا قول، والقول الآخر فهل من مزيد على الاستدعاء للزيادة. وهذا قول أنس بن مالك، ويدلّ عليه الحديث الصحيح عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزال جهنّم تقول هل من مزيد فيقول ربّ العالمين سبحانه وتعالى فيجعل قدمه فيها فيقول قط قط» «١». قال أبو جعفر: فهذا الحديث صحيح الإسناد، ويدلّ على خلاف القول الأول. والله جلّ وعزّ أعلم.
[سورة ق (٥٠) : آية ٣١]
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١)
أي قريب للمتقين، أي للمتقين معاصي الله جلّ وعزّ.
[سورة ق (٥٠) : آية ٣٢]
هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢)
هذا ما تُوعَدُونَ أي: هذا الذي وصفناه للمتّقين الذي توعدون لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ قال ابن زيد لكل تائب راجع إلى الله لطاعته: وعن ابن عباس أَوَّابٍ مسبّح، وعنه حَفِيظٍ حفظ ذنوبه حتّى تاب منها. وقال قتادة: «حفيظ» حافظ لما ائتمنه الله جلّ وعزّ عليه، ومعنى هذا أنه حفظ جوارحه عن معاصي الله تعالى.
[سورة ق (٥٠) : الآيات ٣٣ الى ٣٤]
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣) ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤)
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ في موضع خفض على البدل من «كلّ» ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء وخَشِيَ في موضع جزم بالشرط، والتقدير: خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ فيقال لهم: ادْخُلُوها على معنى من، وما قبله على لفظها ومُنِيبٍ تائب راجع إلى الله جلّ وعزّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ أي ذلك الذي وصفناه للمتقين يوم لا يزولون عنه.
[سورة ق (٥٠) : آية ٣٥]
لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (٣٥)
لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها أي لهم ما يريدون وزيادة في الكرامة وفسّر أنس بن مالك معنى وَلَدَيْنا مَزِيدٌ فلما لا يجوز أن يؤخذ باقتراح ولا يؤخذ إلّا عن النبيّ عليه السلام في وَلَدَيْنا مَزِيدٌ قال: قال: «يتجلّى لهم ربّ العالمين فيقول وعزّتي لأتجلّينّ لكم حتّى تنظروا إليّ فيقول: مرحبا بعبادي وجيراني وزواري ووفدي انظروا إليّ» «٢» فذلك نهاية العطاء وفضل المزيد.
(٢) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (٤٦١٥)، وابن الجوزي في زاد المسير ٨/ ٢١.