البدل من قوله: أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ وتكلّموا في نصبه فقال الفراء «١» : لأنه أضيف إلى شيئين، وأجاز الرفع فيه على أصله. وقال غيره: لأنها إضافة غير محضة. ومذهب الخليل وسيبويه أنّ ظروف الزمان غير متمكنة فإذا أضيف إلى غير معرب أو إلى جملة مثل هذه بنيت على الفتح، وأجازا: مضى يوم قام، وأنشد النحويون وأصحاب الغريب لامرئ القيس: [الطويل] ٤٣٤-
ويوم عقرت للعذارى مطيتي
«٢» بنصب «يوم» وموضعه رفع على من روى «ولا سيّما يوم» «٣» وخفض على من روى «ولا سيّما يوم». قال أبو جعفر: ولا نعلم أحدا رفعه ولا خفضه، والقياس يوجب إجازة هذين. روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) قال: يعذّبون. وقال محمد بن يزيد: هو من قولهم: فتنت الذهب والفضة إذا أحرقتهما لتختبرهما وتخلصهما. وقال بعض المتأخرين: لما كانت الفتنة في اللغة هي الاختبار لم تخرج عن بابها والمعنى عليها صحيح، والتقدير: يوم هم على النار يختبرون فيقال: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ [المدثر: ٤٢].
[سورة الذاريات (٥١) : آية ١٤]
ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤)
الذين هم قال مجاهد وعكرمة وقتادة: أي عذابكم هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ مبتدأ وخبر لأنهم كانوا يستعجلون في الدنيا بالعذاب تهزّؤا وإنكارا.
[سورة الذاريات (٥١) : آية ١٥]
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥)
أي إن الذين اتقوا الله تعالى بترك معاصيه وأداء طاعته في بساتين وأنهار فكذا المتّقي إذا كان مطلقا، فإن كان متقيا للسّرق غير متّق للزنا لم يقل له متّق، ولكن يقال له: متّق للسّرق فكذا هذا الباب كلّه.
[سورة الذاريات (٥١) : آية ١٦]
آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦)
آخِذِينَ نصب على الحال، ويجوز رفعه في غير القرآن على خبر «إن». فأما معنى ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ ففيه قولان: أحدهما في الجنّة، والآخر أنّهم عاملون في الدنيا بطاعة الله سبحانه وبما افترضه عليهم فهم آخذون به غير متجاوزين له كما روي عن ابن

(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٨٣.
(٢) مرّ الشاهد رقم (٢١٤).
(٣) إشارة إلى قول امرئ القيس في معلقته:
«ولا سيّما بدارة جلجل»


الصفحة التالية
Icon