وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ «وضيف» بمعنى أضياف لأنه مصدر فلذلك لا تكاد العرب تثنيه ولا تجمعه، وحقيقته في العربية عن ذوي ضيفه. فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ يقال: طمس عينه وعلى عينه إذا فعل بها فعلا يصير بها مثل وجهه لا شقّ فيها ويقال طمست الريح الأعلام إذا سفت عليها التراب فغطّتها به، كما قال: [البسيط] ٤٤٥-

من كلّ نضّاخة الذّفرى إذا عرقت عارضها طامس الأعلام مجهول
«١» فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ أي فقالت لهم الملائكة عليهما السلام: فذوقوا عذاب الله وعقابه ما أنذركم به.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٣٨ الى ٤٠]
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠)
قال سفيان: كان مع الفجر صرفت بكرة هاهنا لأنها نكرة، وزعم الفراء «٢» أن غدوة وبكرة يجريان ولا يجريان، وزعم أنّ الأكثر في غدوة ترك الصرف، وفي بكرة الصرف. قال أبو جعفر: قول البصريين أنهما لا ينصرفان في المعرفة وينصرفان في النكرة فإن زعم زاعم أنّ الأولى ما قال الفراء لأن بكرة هاهنا مصروف قيل له: هذا لا يلزم لأن بكرة هاهنا نكرة وكذا سحر، والدليل على ذلك أنه لم يقل: أهلكوا في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا بكرة فتكون معرفة فلما وجب أن تكون نكرة لم يكن فيها ذكر حجّة ولا سيما وفيه الهاء قيل: عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ أي يستقرّ عليهم حتّى أهلكهم.
[سورة القمر (٥٤) : آية ٤١]
وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١)
أي أهل دينه والقائلين بقوله كما مرّ. «قد» إذا وقعت مع الماضي دلّت على التوقّع وإذا كانت مع المستقبل دلّت على التقليل نقول: قد يكرمنا فلان أي ذلك يقلّ منه.
[سورة القمر (٥٤) : آية ٤٢]
كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢)
كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها في معناه قولان: أحدهما أن المعنى: كذّبوا بآياتنا التي أريناهم إيّاها كلّها والآخر أنه على التكثير، كما حكى سيبويه ما بقي منهم مخبّر. فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ قال قتادة: عزيز في انتقامه، وقال لي غيره: عزيز لا يغلب مقتدر على ما يشاء.
(١) الشاهد لكعب بن زهير في ديوانه ص ٩، ولسان العرب (نضخ)، و (عرض)، وتاج العروس (نضخ) و (عرض).
(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ١٠٩.


الصفحة التالية
Icon