وعزّ: وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وقال جلّ ثناؤه: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [البقرة: ٢٣٨] قال أبو جعفر: وهذا بيّن لا لبس فيه.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٧٠ الى ٧١]
فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١)
وحكى الفراء «١» : خيّرات وخيرات. فأما البصريون فقالوا: خيرة بمعنى خيّرة فخفّف، كما قيل: ميّت وميت «وفيهن» يعود على الأربع الأجنّة.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٧٢ الى ٧٣]
حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣)
حُورٌ بدل وإن شئت كان نعتا. مَقْصُوراتٌ قال مجاهد: قصرن طرفهنّ وأنفسهنّ على أزواجهن فلا يردن غيرهم، وقال أبو العالية: «مقصورات» محبوسات، وقال الحسن: مقصورات محبوسات لا يطفن في الطرق. قال أبو جعفر: والصواب في هذا أن يقال: إن الله جل وعز وصفهنّ بأنهنّ مقصورات فعمّ فنعمّ كما عمّ جلّ وعزّ فيقول: قصرن طرفهنّ وأنفسهن على أزواجهن فلا يرين غيرهم وهن محبوسات في الخيام ومصونات.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٧٤ الى ٧٥]
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥)
فدلّ بهذا على أن الجنّ يطئون.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٧٦ الى ٧٧]
مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧)
مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ فخضر جمع أخضر، ورفرف لفظه لفظ واحد، وقد نعت بجمع لأنه اسم للجمع كما قال: مررت برهط كرام وقوم لئام وكذا: هذه إبل حسان وغنم صغار. وَعَبْقَرِيٍّ مثله غير أنه يجوز أن يكون جمع عبقرية، وقد قرأ عاصم الجحدري متكئين على رفارف خضر وعباقريّ حسان «٢» وقد روى بعضهم هذه القراءة عن عاصم الجحدري عن أبي بكرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وإسنادها ليس بالصحيح، وزعم أبو عبيد أنها لو صحّت لكانت وعباقريّ بغير إجراء، وزعم أنه هكذا يجب في العربية. قال أبو جعفر: وهذا غلط بين عند جميع النحويين لأنهم قد أجمعوا جميعا أنه يقال: رجل مدائني بالصرف، وإنما توهّم أنه جمع، وليس في كلام العرب جمع بعد ألفه أربعة أحرف لا اختلاف بينهم أنك لو جمعت عبقرا لقلت عباقر، ويجوز على بعد عباقير، ويجوز عباقرة. فأما عباقريّ في الجمع فمحال والعلّة في امتناع جواز عباقريّ أنه لا يخلو من أن يكون منسوبا إلى عبقر فيقال: عبقريّ أو يكون منسوبا إلى

(١) انظر معاني الفراء ٣/ ١٢٠.
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ١٩٨، ومختصر ابن خالويه ١٥.


الصفحة التالية
Icon