يقومون، ودخلت اللام في الأول لأنه شرط للثاني، وكذا ما بعده، وكذا ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ معطوف عليه، ويجوز أن يكون مقطوعا منه.
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٣]
لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٣)
أي في صدور بني النضير من اليهود، ونصبت رهبة على التمييز. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ أي من أجل أنّهم قوم لا يفقهون قدر عظمة الله جلّ وعزّ فهم يجترءون على معاصيه ولا يتخوّفون عقابه.
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٤]
لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤)
نصبت جَمِيعاً على الحال، وقرية وقرى عند الفرّاء شاذّ كان يجب أن يكون جمعه قراء مثل غلوة وغلاء. قال أبو جعفر: وأنكر أبو إسحاق هذا وأن يقال شاذّ لما نطق به القرآن، ولكنه مثل ضيعة وضيع جاء بحذف الألف.
وقيل: هو اسم للجميع. أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ وقرأ أبو عمر وابن كثير أو من وراء جدار «١» وحكي عن المكيين أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بفتح الجيم وإسكان الدال، ويجوز جدر على أن الأصل جدر فحذفت الضّمة لثقلها. وجدر لغة بمعنى جدار، وجدار واحد يؤدّي عن جمع إلا أن الجمع أشبه بنسق الآية لأن قبله إِلَّا فِي قُرىً ولم يقل: إلّا في قرية تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً مفعول ثان لتحسب، وليس على الحال. وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى قال قتادة: أهل الباطل مختلفة أهواؤهم مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون على معاداة أهل الحقّ. قال مجاهد: وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى لأن بني النضير يهود والمنافقين ليسوا بيهود. وفي حرف «٢» ابن مسعود وقلوبهم أشتّ يكون أفعل بمعنى فاعل أو يحذف منه «من» ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ أي لا يعقلون ما لهم فيه الحظّ مما عليهم فيه النّقص.
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٥]
كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥)
كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ المعنى مثلهم كمثل الذين من قبلهم حين تمادوا على العصيان فأهلكوا. واختلف أهل التأويل في الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ هاهنا فقال ابن عباس:
هم بنو قينقاع، وقال مجاهد هم أهل بدر. والصواب أن يقال في هذا: إنّ الآية عامة

(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٢٤٧. انظر تيسير الداني ١٧٠ (قرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر الجيم وألف بعد الدال، وأمال أبو عمرو فتحة الدال والباقون «جدر» بضم الجيم والدال).
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ٢٤٨.


الصفحة التالية
Icon