المؤمنين. قال أبو جعفر: ومعنى هذا أن المؤمنين يشهدون على الناس يوم القيامة فيصدّقهم الله جلّ وعزّ الْمُهَيْمِنُ روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: المهيمن الأمين، وبهذا الإسناد قال: الشهيد، وقال أبو عبيدة: المهيمن الرقيب الحفيظ. قال أبو جعفر: وهذه كلها من صفات الله جلّ وعزّ فالله شاهد أعمال عباده حافظ لها أمين عليها لا يظلمهم ولا يلتهم من أعمالهم شيئا، وحكى لنا علي بن سليمان عن أبي العباس قال: الأصل مؤيمن، وليس في أسماء الله تعالى شيء مصغّر إنما هو مثل مسيطر أبدل من الهمزة هاء، لأن الهاء أخفّ. الْعَزِيزُ أي العزيز في انتقامه المنيع فلا ينتصر منه من عاقبه الْجَبَّارُ فيه أربعة أقوال: قال قتادة: الجبّار الذي يجبر خلقه على ما يشاء، قال أبو جعفر: وهذا خطأ عند أهل العربية، لأنه إنما يجيء من هذا مجبر ولا يجيء فعّال من أفعل، وقيل: «جبّار» من جبر الله خلقه أي نعتهم وكفاهم.
وهذا قول حسن لا طعن فيه، وقيل: جبار من جبرت العظم فجبر أي أقمته بعد ما انكسر فالله تعالى أقام القلوب لتفهّمها دلائله، وقيل: هو من قولهم تجبّر النخل إذا علا وفات اليد كما قال: [الطويل] ٤٧٩-
أطافت به جيلان عند قطاعه | وردّت عليه الماء حتّى تجبّرا |
أقول لمّا جاءني فخره | سبحان من علقمة الفاخر |
[سورة الحشر (٥٩) : آية ٢٤]
هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤)
هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ معنى خلق الشيء قدره كما قال: [الكامل] ٤٨١-
ولأنت تفري ما خلقت وبعض | القوم يخلق ثم لا يفري |
(٢) الشاهد للأعشى في ديوانه ١٩٣، والكتاب ١/ ٣٨٨، وأساس البلاغة (سبح)، والأشباه والنظائر ٢/ ١٠٩، وجمهرة اللغة ٢٧٨، وخزانة الأدب ١/ ١٨٥، والخصائص ٢/ ٤٣٥، والدرر ٣/ ٧٠، وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٥٧، وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٠٥.
(٣) الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٩٤، والكتاب ٤/ ٢٩٩، والدرر ٦/ ٢٩٧، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٤٧١، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٣٤٤، وشرح شواهد الإيضاح ٢٧٠، وشرح المفصّل ٩/ ٧٩، ولسان العرب (خلق) و (فرا)، والمنصف ٢/ ٧٤، وبلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٣٠٢.