وعلى مذهبه في أشدّ العذاب كان هو أقرب إلى ذلك. وروى قتادة عن أبي حسّان الأعرج عن ناجية بن كعب عن عبد الله بن مسعود عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ العبد يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا، منهم يحيى بن زكريا صلّى الله عليهما وسلّم ولد مؤمنا وحيي مؤمنا ومات مؤمنا. وإن العبد يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا، منهم فرعون ولد كافرا وحيي كافرا ومات كافرا».
[سورة غافر (٤٠) : آية ٤٧]
وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (٤٧)
فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً مصدر فلذلك لم يجمع، ولو جمع لقيل: أتباع.
[سورة غافر (٤٠) : آية ٤٨]
قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨)
قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها قال الأخفش: كل مرفوع بالابتداء، وأجاز الفرّاء «١» والكسائي إنّا كلا فيها بالنصب على النعت. قال أبو جعفر: وهذا من عظيم الخطأ أن ينعت المضمر، وأيضا فإنّ «كلّا» لا تنعت ولا ينعت بها. هذا قول سيبويه نصا. وأكثر من هذا أنّه لا يجوز أن يبدل من المضمر هاهنا لأنه مخاطب، ولا يبدل من المخاطب ولا المخاطب لأنهما لا يشكلان فيبدل منهما. هذا قول محمد بن يزيد نصا. إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ أي حكم بينهم ألا يؤاخذ أحدا بذنب غيره.
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٤٩ الى ٥٠]
وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (٤٩) قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٥٠)
الَّذِينَ في موضع رفع، ومن العرب من يقول: اللذون على أنه جمع مسلّم معرب ومن قال: الذين في موضع الرفع بناه، كما كان في الواحد مبنيا. وقال سعيد الأخفش: ضمّت النون إلى الذي فأشبه خمسة عشر فبني على الفتح. وخزنة جمع خازن، ويقال: خزّان وخزّن. ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ جواب مجزوم، وإذا كان بالفاء كان منصوبا إلّا أن الأكثر في كلام العرب في الأمر وما أشبهه أن يكون بغير فاء، على هذا جاء القرآن بأفصح اللغات، كما قال: [الطويل] ٣٩٤- قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل «٢»
(٢) مرّ الشاهد رقم (٣٠٨).