الياء، لأن النداء موضع حذف. وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ والأصل أنّني فَلَمَّا زاغُوا أي مالوا عن الحقّ. أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ مجازاة على فعلهم، وقيل: أزاغ قلوبهم عن الثواب. وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ أي لا يوفق للصواب من خرج من الإيمان إلى الكفر. روي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأبي أمامة أنّ هؤلاء هم الحرورية.
[سورة الصف (٦١) : آية ٦]
وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)
أي واذكر هذا. مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ منصوب على الحال، وكذا وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وابن كثير، وقراءة ابن محيصن وحمزة والكسائي من بعد اسمه أحمد حذف الياء في الوصل لسكونها وسكون السين بعدها، وهو اختيار أبي عبيد، واحتج في حذفها بأنك إذا ابتدأت قلت:
اسمه فكسرت الهمزة. وهذا من الاحتجاج الذي لا يحصل منه معنى، والقول في هذا عند أهل العربية أن هذه ياء النفس فمن العرب من يفتحها ومنهم من يسكّنها، قد قرئ بهاتين القراءتين، وليس منهما إلّا صواب غير أن الأكثر في ياء النفس إذا كان بعدها ساكن أن تحرّك لئلا تسقط وإذا كان بعدها متحرك أن تسكّن، ويجوز في كلّ واحدة منهما ما جاز في الأخرى. فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي فلما جاءهم أحمد بالبيّنات أي بالبراهين والآيات الباهرة قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ «١».
[سورة الصف (٦١) : آية ٧]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧)
أي ومن أشدّ ظلما ممّن قال لمن جاءه بالبيّنات هو ساحر، وهذا سحر مبين أي مبين لمن راه أنه سحر. وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وهو إذا دعي إلى الإسلام قال: هذا سحر مبين، وقراءة طلحة وهو يدّعي إلى الإسلام «٢» وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وهم الذين يقولون في البيّنات هذا سحر مبين.
[سورة الصف (٦١) : آية ٨]
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨)
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ أي بقولهم هذا. وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ أي مكمل الإسلام ومعليه. هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم، وقرأ ابن كثير والأعمش وحمزة والكسائي متمّ نوره والأصل التنوين والحذف على التخفيف وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ وحذف المفعول.

(١) انظر تيسير الداني ٨٣، والبحر المحيط ٨/ ٢٥٩.
(٢) انظر المحتسب ٢/ ٣٢١، والبحر المحيط ٨/ ٢٥٩.


الصفحة التالية
Icon