الخفض على البدل من الهاء الّتي في عليه يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ قال شعبة عن منصور: «يذرؤكم» يخلقكم، وقال أبو إسحاق: يذرؤكم يكثركم، وجعل «فيه» بمعنى به أي يكثركم بأن جعلكم أزواجا، وقال علي بن سليمان: «يذرؤكم» ينبتكم من حال إلى حال أي ينبتكم في الجعل. قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب الذي رواه شعبة عن منصور لأن أهل اللغة المتقدمين منهم أبو زيد وغيره رووا عن العرب: ذرأ الله عزّ وجلّ الخلق يذرؤهم أي خلقهم، وقول أبي إسحاق وأبي الحسن على المجاز، والحقيقة أولى ولا سيّما مع جلالة من قال به، وإنه معروف في اللغة. ويكون فيه على بابها أولى من أن تجعل بمعنى به، وإن كان يقال: فلان بمكة فيكون المعنى فالله جعل لكم من أنفسكم أزواجا يخلقكم في الأزواج، وذكر على معنى الجمع. ويكون التقدير: وجعل لكم من الأنعام أزواجا أي ذكرانا وإناثا. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أي لا يقدر أحد على هذا غيره والكاف في كَمِثْلِهِ زائدة للتوكيد لا موضع لها من الإعراب لأنها حرف، ولكن موضع كَمِثْلِهِ موضع نصب. والتقدير: ليس مثله شيء. وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
[سورة الشورى (٤٢) : آية ١٢]
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٢)
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لَهُ مَقالِيدُ يقول مفاتيح. إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ خبر «إنّ» والتقدير: إنه عليم بكلّ شيء.
[سورة الشورى (٤٢) : آية ١٣]
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (١٣)
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً «ما» في موضع نصب بشرع. وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ عطف عليها. وَما وَصَّيْنا في موضع نصب أيضا أي وشرع لكم. وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ «أن» في موضع نصب على البدل من «ما» أي شرع لكم أن أقيموا الدّين ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ أي هو وأن أقيموا الدّين ويجوز أن يكون في موضع خفض على البدل من الهاء أي شرع لكم أن تقيموا لله الدّين الّذي ارتضاه ولا تتفرّقوا فتؤمنوا ببعض الرسل وتكفروا ببعض فهذا الذي شرع لكم لجميع الأنبياء صلوات الله عليهم أن يقيموا الدّين الذي ارتضاه، وهو الإسلام وأمة محمّد صلّى الله عليه وسلّم مقتدون بهم. وفي الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «اقتدوا بالّذين من بعدي أبي بكر وعمر» «١» أي اعملوا كما يعملان من اتباع أمر الله جلّ وعزّ