[سورة الشورى (٤٢) : آية ٣٠]

وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)
وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ هذه قراءة الكوفيين والبصريين، وكذا في مصاحفهم، وقرأ المدنيون بما بغير فاء، وكذا في مصاحفهم فالقراءة بالفاء بيّنة لأنه شرط وجوابه. والقراءة بغير فاء فيها للنحويين ثلاثة أقوال: أحدها: أن يكون «ما» بمعنى «الذي» فلا تحتاج إلى جواب بالفاء، وهذا مذهب أبي إسحاق. والقول الثاني:
أن يكون ما للشرط وتكون الفاء محذوفة كما قال: [البسيط] ٤٠٠
- من يفعل الحسنات الله يشكرها والشّرّ بالشّرّ عند الله مثلان
«١» وهذا قول أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش، وزعم أن هذا يدلّ على أن حذف الفاء في الشرط جائز حسن لجلال من قرأ به. والقول الثالث: أن «ما» هاهنا للشرط إلّا أنه جاز حذف الفاء لأنها لا تعمل في اللفظ شيئا وإنما وقعت على الماضي، وهذا أولى الأقوال بالصواب. فأما أن يكون «ما» بمعنى الذي فبعيد لأنّه يقع مخصوصا للماضي، وأما أن يشبّه هذا بالبيت الذي ذكرناه فبعيد أيضا لأن حذف الفاء مع الفعل المستقبل لا يجوز عند سيبويه إلّا في ضرورة الشعر، ولا يحمل كتاب الله عزّ وجلّ إلّا على الأغلب الأشهر.
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٣١]
وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٣١)
وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ قال محمد بن يزيد: أي بسابقين يقال: أعجز إذا عدا فسبق.
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٣٢]
وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢)
«الجواري» جمع جارية، والجواري في موضع رفع حذفت الضمة من يائها لثقلها.
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٣٣ الى ٣٥]
إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥)
إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ شرط ومجازاة. فَيَظْلَلْنَ عطف، وكذا أَوْ يُوبِقْهُنَّ وكذا وَيَعْفُ وكذا عند سيبويه «٢» وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا هذا الاختيار عنده لأنه كلام معطوف بعضه على بعض، ومثله يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ [البقرة: ٢٨٤]، وكذا قول النابغة «٣» :[الوافر] ٤٠١-
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع النّاس والبلد الحرام
ونمسك بعده بذناب عيس أجبّ الظّهر ليس له سنام
فجزم «ونمسك» على العطف. ويجوز رفعه ونصبه إلّا أن الرفع عند سيبويه
(١) مرّ الشاهد رقم (٣٤).
(٢) انظر إعراب الآية ٢٨٤- البقرة.
(٣) مرّ الشاهد رقم (١٧٩).


الصفحة التالية
Icon