بالرفع فَيُوحِيَ بإسكان الياء، ولا نعلمه يروى إلّا عن نافع إلّا أنه قال: لم أقرأ حرفا يجتمع عليه رجلان من الأئمة فلهذا قال عبد الله بن وهب: قراءة نافع سنّة. قال أبو جعفر: فأما القول في نصب «يرسل» و «يوحي» ورفعهما فقد جاء به سيبويه عن الخليل بما فيه كفاية لمن تدبّره ونمليه نصا كما قال ليكون أشفى. قال سيبويه «١» : سألت الخليل عن قول الله جلّ وعزّ: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ فزعم أن النصب محمول على «أن» سوى هذه ولو كانت هذه الكلمة على «أن» هذه لم يكن للكلام وجه، ولكنه لما قال: إِلَّا وَحْياً كان في معنى إلّا أن يوحي وكان «أو يرسل» فعلا لا يجري على «إلّا» فأجري على «أن» هذه كأنه قال: إلّا أن يوحي أو يرسل لأنه لو قال: إلّا وحيا وإلا أن يرسل كان حسنا: وكان أن يرسل بمنزلة الإرسال فحملوه على «أن» إذ لم يجز أن يقولوا: أو إلا يرسل فكأنه قال: إلّا وحيا أو أن يرسل. وقال الحصين بن حمام المرّي: [الطويل] ٤٠٤-
ولولا رجال من رزام أعزّة | وآل سبيع أو أسوءك علقما |
لولا ذاك أو لولا أن أسؤك. وبلغنا أن أهل المدينة يرفعون هذه الآية وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ فكأنه- والله أعلم- قال الله لا يكلّم البشر إلّا وحيا أو يرسل رسولا أي في هذه الحال. وهذا كلامه إياهم، كما تقول العرب: تحيّتك الضرب، وعتابك السيف، وكلامك القتل، قال عمرو بن معدي كرب: [الوافر] ٤٠٥-
وخيل قد دلفت لها بخيل | تحيّة بينهم ضرب وجيع |
إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا | أو تنزلون فإنا معشر نزل |
(٢) الشاهد للحصين في خزانة الأدب ٣/ ٣٢٤، والكتاب ٣/ ٥٥، والدرر ٤/ ٧٨، وشرح اختيارات المفضّل ٣٣٤، وشرح التصريح ٢/ ٢٤٤، وشرح المفصّل ٣/ ٥٠، والمقاصد النحوية ٤/ ٤١١، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ١/ ٢٧٢، والمحتسب ١/ ٣٢٦، وهمع الهوامع ٢/ ١٠.
(٣) الشاهد لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ١٤٩، وخزانة الأدب ٩/ ٢٥٢، والكتاب ٢/ ٣٣٥، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٠٠، ونوادر أبي زيد ١٥٠، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١/ ٣٤٥، والخصائص ١/ ٣٦٨، وشرح المفصل ٢/ ٨٠، والمقتضب ٢/ ٢٠.
(٤) مرّ الشاهد رقم (١٥٦).