على ما قال الشيخ والأجود البعلي، وهذا جائز عند الكوفيين وقد بيّنّا في قوله جلّ وعزّ: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ [المدثر: ٣٠] والأخفش سعيد قوله كقول الفراء في أنه كناية عن مفرد «الله» خبر قال الأخفش «أحد» بدل من «الله». قرأ نصر بن عاصم وعبد الله بن أبي إسحاق أَحَدٌ اللَّهُ بغير تنوين، وكذا يروى عن أبان بن عثمان حذفوا التنوين لالتقاء الساكنين، وأنشد سيبويه: [المتقارب] ٥٩٣- ولا ذاكر الله إلّا قليلا «١» وأنشد الفراء «٢» :[الخفيف] ٥٩٤-

كيف نومي على الفراش ولمّا تشمل الشّام غارة شعواء
تذهل الشّيخ عن بنيه وتلوي عن خدام العقلة العذراء
يريد عن خدام العقيلة فحذف التنوين لالتقاء الساكنين كما قرءوا أَحَدٌ اللَّهُ والأجود تحريك التّنوين لالتقاء الساكنين، لأنه علامة فحذفه قبيح، وقراءة الجماعة أولى. وفي «أحد» ثلاثة أقوال منها: أن يكون أحد بمعنى وحد، ووحد بمعنى واحد، كما قال: [البسيط] ٥٩٥-
كأنّ رحلي وقد زال النّهار بنا يوم الجليل على مستأنس وحد «٣»
فأبدل من الواو همزة. والقول الثاني أن يكون الأصل واحدا أبدل من الواو همزة، وحذفت الهمزة لئلا يلتقي همزتان، والقول الثالث أن أحدا بمعنى أوّل كما تقول: اليوم الأحد، واليوم الأول مسموع من العرب، وقال بعض أهل النظر في أحد من الفائدة ما ليس في واحد لأنك إذا قلت: فلان لا يا قوم له واحد، جاز أن يا قوم له اثنان وأكثر فإذا قلت. فلان لا يا قوم له أحد، تضمن معنى واحد وأكثر. قال أبو جعفر:
وهذا غلط لا اختلاف بين النحويين أن أحدا إذا كان كذا لم يقع إلا في النفي كما قال:
[البسيط] ٥٩٦-
وقفت فيها أصيلا كي أسائلها عيّت جوابا وما بالرّبع من أحد «٤»
فإذا كان بمعنى واحد وقع في الإيجاب تقول: ما مرّ بنا أحد، أي واحد فكذا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
(١) مرّ الشاهد رقم ٧٣.
(٢) الشعر لعبيد الله بن قيس الرقيّات في ديوانه ٩٥، وتاج العروس (شمل) و (شعى)، ولسان العرب (شمل) و (خدم) و (شعا)، ومقاييس اللغة ٣/ ١٩٠، ومجمل اللغة ٣/ ١٦١، وأساس البلاغة (شعو)، والشعر والشعراء ٥٤٦، وسمط اللآلي ١/ ٢٩٤.
(٣) الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه ٣١، والخصائص ٣/ ٢٦٢، والخزانة ١/ ٥٢١.
(٤) مرّ الشاهد رقم (٥٧٤).


الصفحة التالية
Icon