[سورة الجن (٧٢) : آية ١٦]

وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦)
وقراءة يحيى بن وثاب والأعمش وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا بضم الواو لالتقاء الساكنين ولأن الضمة تشبه الواو إلا أن سيبويه «١»
لا يجيز إلا الكسر في الواو الأصلية فرقا بينها وبين الزائد لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً حكى أبو عبيدة «٢» سقيته وأسقيته لغة، وأما الأصمعي فقال: سقيته لفيه وأسقيته جعلت له شربا. قال أبو جعفر: وعلى ما قال الأصمعي اللغة الفصيحة، منها لأسقيناهم أي أدمنا لهم ذلك، غير أن أبا عبيدة أنشد للبيد وهو غير مدافع عن الفصاحة: [الوافر] ٥٠٠-
سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال «٣»
فسئل الأصمعي عن هذا البيت فقال: هو عندي معمول ولا يكون مطبوع يأتي للغتين في بيت واحد.
[سورة الجن (٧٢) : آية ١٧]
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧)
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ حكى أبو زيد وأبو عبيدة: فتنته وأفتنته. قال أبو زيد: لغة بني تميم أفتنته. قال الأصمعي: فتنه يفتنه فهو فاتن وفتان قال الله جلّ وعزّ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ [الصافات: ١٦٢] قال: ولا يقال: أفتنه وأنكر هذه اللغة ولم يعرفها، فأنشدهم: [الطويل] ٥٠١-
لئن فتنتني لهي بالأمس أفتنت سعيدا فأمسى قد قلا كلّ مسلم «٤»
قال أبو جعفر: وهذا شعر قديم، غير أن الأصمعي قال: لا بأس هذا قد سمعناه من مخنّث فلا يلتفت إليه، وإن كان قد قيل قديما. قال أبو جعفر: قد حكى الجلّة من أهل اللغة ممن يرجع إلى قوله في الصدق فتنه وأفتنه غير أن سيبويه فرّق بينهما فذهب إلى أن المعتدي أفتن، وأن معنى فتنه جعل فيه فتنة، كما تقول: كحلّه. وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً وقرأ مسلم بن جندب نَسْلُكُهُ «٥» بضم النون. قال أبو جعفر: سلكه وأسلكه لغتان عند كثير من أهل اللغة، وقال الأصمعي: سلكه بغير
(١) انظر الكتاب ٤/ ٢٦٨.
(٢) انظر مجاز القرآن ١/ ٣٤٩.
(٣) مرّ الشاهد رقم/ ٢٣٩).
(٤) الشاهد لأعشى همدان في لسان العرب (فتن) والمخصّص ٤/ ٦٢، وتاج العروس (فتن)، ولابن قيس الرقيات في الخصائص ٣/ ٣١٥، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في لسان العرب (فتن)، وتهذيب اللغة ١٤/ ٢٨٩، وجمهرة اللغة ٤٠٦، ومقاييس اللغة ٤/ ٤٧٣، وديوان الأدب ٢/ ٣٣٤، وكتاب العين ٨/ ١٢٨.
(٥) انظر تيسير الداني ١٧٥ (قرأ الكوفيون بالياء والباقون بالنون).


الصفحة التالية
Icon