قال: يريد في بئر حور أي هلكة فزاد «لا» في الإيجاب، وخالفه الفراء في هذا فجعل «لا» نفيا هاهنا أي في بئر لا ترد شيئا وزعم الفراء «١» أن «لا» من قوله «لا أقسم» ردّ لكلامهم كما تقول: لا والله ما أفعل فالوقوف عنده لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) مستأنف.
[سورة القيامة (٧٥) : آية ٢]
وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)
لا اختلاف في هذا أن الألف فيه بعد «لا» فقول الحسن أنّ «لا» نافية وقد بيّنا قول غيره.
[سورة القيامة (٧٥) : آية ٣]
أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٣)
وقراءة الكوفيين أَيَحْسَبُ والماضي حسب بلا اختلاف فالقياس في المستقبل يحسب إلا أنه روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم الكسر «٢».
[سورة القيامة (٧٥) : آية ٤]
بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٤)
قادِرِينَ في موضع نصب، وفي نصبه أقوال: منها أنه قيل: التقدير: بلى نقدر فلمّا حوّل نقدر إلى قادرين نصب كما قال الفرزدق: [الطويل] ٥١٣-

على حلفة لا أشتم الدّهر مسلما ولا خارجا من فيّ زور كلام «٣»
بمعنى ولا يخرج فلما حوّل يخرج إلى خارج نصبه. وهذا خطأ لأن لكلّ إعرابه تقول: جاءني زيد يضحك، وجاءني زيد ضاحكا، ومررت برجل يضحك، وبرجل ضاحك، «ولا خارجا» معطوف على موضع «لا أشتم» قال أبو جعفر: هذا أصحّ ما قيل فيه، وقيل التقدير: بلى نقوى على ذلك قادرين، هذا قول الفراء «٤» وقال سيبويه: أي بلى نجمعها قادرين. وقول الفراء مستخرج من هذا، وبنان جمع بنانة. ومن حسن ما قيل فيه قول ابن عباس: نحن نقدر أن نجعل بنانه شيئا واحدا كخفّ البعير وحافر
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٠٧.
(٢) انظر إعراب الآية ٨٨- النمل.
(٣) الشاهد للفرزدق في ديوانه ٢١٢، والكتاب ١/ ٤١١، وأمالي المرتضى ١/ ٦٣، وتذكرة النحاة ٨٥، وخزانة الأدب ١/ ٢٢٣ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٧٠، وشرح المفصل ٢/ ٥٩، ولسان العرب (خرج) والمحتسب ١/ ٥٧، والمقتضب ٤/ ٣١٣ وبلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب ١/ ١٧٧ ولسان العرب (رتج)، والمقتضب ٣/ ٢٦٩.
(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٠٨.


الصفحة التالية
Icon