سندس وسندسات واحد، وعطف وإستبرق على سندس أي وثياب وإستبرق، والقراءة الثالثة حسنة أيضا جعله خُضْرٌ نعتا للثياب، وهو الوجه البين الحسن، وخفض إستبرق نسقا على سندس أيضا. والقراءة الرابعة خفض فيها خضر على أنها نعت لسندس كما مر ورفع وإستبرق لأنه عطف على ثياب، وقراءة ابن محيصن عند كل من ذكر القراءات ممن علمناه من أهل العربية لحن لأنه منع إستبرق من الصرف وهو نكرة، ولا يخلو منعه إياه من إحدى وجهين: إما أن يكون منعه من الصرف لأنه أعجمي، وإما أن يكون ذلك لأنه على وزن الفعل، والعجمي وما كان على وزن الفعل ينصرفان في النكرة، وأيضا فإنه وصل الألف، وذلك خطأ عند الخليل وسيبويه لما ذكرنا ونصب «إستبرق» وإن كان هذا يتهيّأ أن يحتال في نصبه فهذا ما فيه مما قد ذكر بعضه. قال أبو جعفر: ولو احتيل فيه فقيل: هو فعل ماض أي وبرق هذا الجمع لكان ذلك عندي شيئا يجوز وإن كنت لا أعلم أحدا ذكره. وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وقد طعن في هذا بعض الملحدين. إما لجهله باللغة وإما لقصده الكفر اجتراء على الله عزّ وجلّ وأخذ شيء من حطام الدنيا وذلك أن الجنة لا بيع فيها ولا شراء ولا معنى لطعنه لقلة قيمة الفضة، ولأن هذا لا يحسن للرجال فجهل معنى التفسير لأن في التفسير أن هذا يكون لأزواجهن، ولو كان لهم ما دفع حسنه، وقد طعن في الإستبرق ولم يدر معناه أو داره وتعمّد الكفر. والإستبرق عنه العرب ما كان متينا وغلظ في نفسه لا غلظ خيوطه.
قال أبو جعفر: فقد ذكرنا أن هذا الإستبرق يكون فوق حجالهم وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً أي طاهرا من الأقذار والأدناس والأوساخ.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٢٢]
إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢)
إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً ويجوز رفع جزاء على خبر «إنّ» وتكون «كان» ملغاة وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً خبر «كان» ولو كان مرفوعا جاز أن يكون اسم كان فيها مضمرا ولا تغلى إذا كانت مبتدأة لأن الكلام مبنيّ عليها.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٢٣]
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (٢٣)
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ يكون «نحن» في موضع نصب صفة لاسم إنّ، ويجوز أن تكون فاصلة لا موضع لها، ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء والخبر «نزّلنا» تَنْزِيلًا مصدر جيء به للتوكيد.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٢٤]
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢٤)
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ أي اصبر على أذاهم، وكان السبب في نزول هذا على ما ذكر قتادة أن أبا جهل قال: لئن رأيت محمدا صلّى الله عليه وسلّم لأطأنّ عنقه وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً قال


الصفحة التالية
Icon