الفراء «١» «أو» بمنزلة «لا» أي لا تطع من أثم ولا كفر. قال أبو جعفر: و «أو» تكون في الاستفهام والمجازاة والنفي بمنزلة «لا». قال أبو جعفر: ويجوز أن يكون المعنى لا تطيعنّ من أثم وكفر بوجه فتكون قريبة المعنى من الواو. قال أبو جعفر: فالقول الأول صواب على قول سيبويه، والثاني خطأ لا يكون «أو» بمعنى الواو لأنك إذا قلت: لا تكلّم زيدا أو عمرا، فمعناه لا تكلّم واحدا منهما ولا تكلّمهما إن اجتمعا وليس كذا الواو إذا قلت: لا تكلّم المأمور واحدا منهما لم يكن عاصيا أمره، «أو» إذا كلّم واحدا منهما كان عاصيا أمره وكذا الآية لا يجوز أن يطاع الآثم ولا الكفور.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٢٥]
وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٢٥)
بُكْرَةً يكون معرفة فلا ينصرف ويكون نكرة فينصرف. فهي هاهنا نكرة فلذلك صرفت لأن بعدها وَأَصِيلًا وهو نكرة ولا تكون معرفة إلا أن تدخل فيه الألف واللام.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٢٦]
وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (٢٦)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ التقدير فاسجد له من الليل وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا قيل: هو منسوخ بزوال فرض صلاة الليل، وقيل: هو على الندب وقيل: هو خاص للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٢٧]
إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (٢٧)
إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ أي يحبون خير الدنيا. وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا قال سفيان: يعني الآخرة. قال أبو جعفر: وقيل: وراء بمعنى قدّام ومن يمنع من الأضداد يجيز هذا لأن وراء مشتقّ من توارى فهو يقع لما بين يديك وما خلفك. وقيل:
التقدير: ويذرون وراءهم عمل يوم ثقيل. أي لا يعملون للآخرة.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٢٨]
نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً (٢٨)
نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ عن أبي هريرة قال: المفاصل. وقال ابن زيد:
القوة، وقيل: هو موضع الحديث. ومن أحسن ما قيل فيه قول ابن عباس ومجاهد وقتادة قالوا: أسرهم خلقهم. قال أبو جعفر: يكون من قولهم: ما أحسن أسر هذا الرجل أي خلقه ومن هذا أخذه بأسره أي بجملته وخلقته لم يبق منه شيئا وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلًا قال ابن زيد يعني بني آدم الذين خالفوا طاعة الله جلّ وعزّ وأمثالهم من بني آدم أيضا.

(١) قرأ الكوفيون ونافع بالتاء والباقون بالياء، انظر تيسير الداني ١٧٧.


الصفحة التالية
Icon