الغساق المنتن، وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس، قال: الغساق الزمهرير. قال أبو جعفر: وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأنه يكون ما يسيل من جلودهم منتنا شديد البرد وسمعت علي بن سليمان يقول: غساق بالتشديد أولى، لأنه يقال: غسقت عينه أي دمعت، فغساق مثل سيّال تكثير غاسق، وقال غيره: من هذا قيل لليل: غاسق، لتغطيته وهجومه كما يهجم السيل، وقيل الحميم مستثنى من الشراب، والغسّاق مستثنى من البرد.
[سورة النبإ (٧٨) : آية ٢٦]
جَزاءً وِفاقاً (٢٦)
جَزاءً مصدر دلّ على فعله ما قبله. وِفاقاً من نعته.
[سورة النبإ (٧٨) : آية ٢٧]
إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧)
قيل: يرجون بمعنى يخافون لأن من رجا شيئا يلحقه خوف من فواته فغلب إحدى الخيفتين كما قال: [الطويل] ٥٣١-
إذا لسعته النّحل لم يرج لسعها... وخالفها في بيت نوب عوامل «١»
وقيل: الرجاء هاهنا على بابه أي لا يرجون ثواب الحساب.
[سورة النبإ (٧٨) : آية ٢٨]
وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨)
مصدر، وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً «٢» بتخفيف الأول والثاني، وهي رواية شاذّة ولكنه قد صحّ عن الكسائي أنه قرأ الثانية بالتخفيف كما قال: [مجزوء الكامل] ٥٣٢-
فصدقتهم وكذّبتهم... والمرء ينفعه كذابه «٣»
وكذّاب التشديد على قول بعض الكوفيين لغة يمنية وهذا ما لا يحصل منه كثير فائدة ولكن قول سيبويه «٤» أنه مصدر كذّب على الحقيقة وأن كان الكلام يكذّب تكذيبا كثيرا. وفيه من النحو ما يدق من المجيء بهذه التاء في تكذيب وليس لها في الفعل أصل ويقال: ما الدليل على أن الأصل كذّاب؟ ونحن نشرحه على مذهب سيبويه إن شاء الله. سبيل الفعل إذا كان رباعيا أن يزاد على ماضيه ألف في المصدر فتقول: أكرم
(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٢٩.
(٣) الشاهد للأعشى في شرح شواهد الإيضاح ٦٠٦، ولسان العرب (صدق)، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في شرح المفصل ٦/ ٤٤.
(٤) انظر الكتاب ٤/ ١٩٣. [.....]