وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ أي هو ممسك يقتر بالرزق وغل اليد وبسطها مجاز عن البخل والجود ولا قصد فيه إلى إثبات يد وغل وبسط ولذلك يستعمل حيث لا يتصور ذلك كقوله:
جَاَد الحِمَى بَسَطَ اليدينِ بِوَابل | شَكَرَتْ نَدَاهُ تلاَعُهُ وَوِهَادُهُ |
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أي للفساد وهو اجتهادهم في الكيد وإثارة الحروب والفتن وهتك المحارم.
وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ فلا يجازيهم إلا شرا.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٦٥ الى ٦٦]
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ مَا يَعْمَلُونَ (٦٦)
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وبما جاء به. وَاتَّقَوْا ما عددنا من معاصيهم ونحوه.
لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ التي فعلوها ولم نؤاخذهم بها. وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وجعلناهم داخلين فيها.
وفيه تنبيه على عظم معاصيهم وكثرة ذنوبهم، وأن الإِسلام يجب ما قبله، وإن جل وأن الكتابي لا يدخل الجنة ما لم يسلم.
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ بإذاعة ما فيهما من نعت محمد عليه الصلاة والسلام والقيام بأحكامها. وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ يعني سائر الكتب المنزلة فإنها من حيث إنهم مكلفون بالإِيمان بها كالمنزل إليهم، أو القرآن لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ لوسع عليهم أرزاقهم بأن يفيض عليهم بركات مّنَ السماء والأرض، أو يكثر ثمرة الأشجار وغلة الزروع، أو يرزقهم الجنان اليانعة الثمار. فيجتنونها من رأس الشجر ويلتقطون ما تساقط على الأرض بين بذلك أن ما كف عنهم بشؤم كفرهم ومعاصيهم لا لقصور الفيض، ولو أنهم آمنوا وأقاموا ما أمروا به لوسع عليهم وجعل لهم خير الدارين. مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ