حد العبد نصف حد الحر، وأنه لا يرجم لأن الرجم لا ينتصف. ذلِكَ أي نكاح الإِماء. لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ لمن خاف الوقوع في الزنى، وهو في الأصل انكسار العظم بعد الجبر، مستعار لكل مشقة وضرر ولا ضرر أعظم من مواقعة الإِثم بأفحش القبائح. وقيل: المراد به الحد وهذا شرط آخر لنكاح الإِماء.
وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ أي وصبركم عن نكاح الإِماء متعففين خير لكم.
قال عليه الصلاة والسلام «الحرائر صلاح البيت والإِماء هلاكه»
. وَاللَّهُ غَفُورٌ لمن لم يصبر. رَحِيمٌ بأن رخص له.
[سورة النساء (٤) : آية ٢٦]
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦)
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ما تعبدكم به من الحلال والحرام، أو ما خفي عنكم من مصالحكم ومحاسن أعمالكم، وليبين مفعول يريد واللام زيدت لتأكيد معنى الاستقبال اللازم للإِرادة كما في قول قيس بن سعد:
أَرَدْتُ لِكَيْمَا يَعْلَم النَّاس أَنَّه | سَرَاويلُ قَيْسٍ وَالوُفُودُ شُهُودُ |
[سورة النساء (٤) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (٢٨)
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ كرره للتأكيد والمبالغة. وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ يعني الفجرة فإن اتباع الشهوات الائتمار لها، وأما المتعاطي لما سوغه الشرع منها دون غيره فهو متبع له في الحقيقة لا لها.
وقيل: المجوس. وقيل: اليهود فإنهم يحلون الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت. أَنْ تَمِيلُوا عن الحق بموافقتهم على اتباع الشهوات واستحلال المحرمات. مَيْلًا عَظِيماً بالإِضافة إلى ميل من اقترف خطيئة على ندور غير مستحل لها.
يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ فلذلك شرع لكم الشرعة الحنيفية السمحة السهلة، ورخص لكم في المضايق كإحلال نكاح الأمة. وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً لا يصبر عن الشهوات ولا يتحمل مشاق الطاعات.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ثمان آيات في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت هذه الثلاث: وإِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ، وإِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وإِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ومَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ، وَمَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ.
[سورة النساء (٤) : آية ٢٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ بما لم يبحه الشرع كالغصب والربا والقمار. إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ استثناء منقطع أي، ولكن كون تجارة عن تراض غير منهي عنه، أو اقصدوا كون تجارة. وعن تراض صفة لتجارة أي تجارة صادرة عن تراضي المتعاقدين، وتخصيص التجارة من الوجوه التي بها يحل تناول مال الغير، لأنها أغلب وأرفق لذوي المروءات، ويجوز أن يراد بها الانتقال مطلقاً.