(١٣) سورة الرعد
مدنية وقيل مكية إلا قوله:
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا | الآية وهي ثلاث وأربعون آية. |
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ (١)المر قيل معناه أنا الله أعلم وأرى. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ يعني بالكتاب السورة وتِلْكَ إشارة إلى آياتها أي: تلك الآيات آيات السورة الكاملة أو القرآن. وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هو القرآن كله ومحله الجر بالعطف على الْكِتابِ عطف العام على الخاص أو إحدى الصفتين على الأخرى، أو الرفع بالابتداء وخبره الْحَقُّ والجملة كالحجة على الجملة الأولى، وتعريف الخبر وإن دل على اختصاص المنزل بكونه حقاً فهو أعم من المنزل صريحاً أو ضمناً، كالمثبت بالقياس وغيره مما نطق المنزل بحسن اتباعه. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ لإِخلالهم بالنظر والتأمل فيه.
[سورة الرعد (١٣) : آية ٢]
اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢)
اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ مبتدأ وخبر ويجوز أن يكون الموصول صفة والخبر يُدَبِّرُ الْأَمْرَ. بِغَيْرِ عَمَدٍ أساطين جمع عماد كإهاب وأهب، أو عمود كأديم وأدم وقرئ «عَمَدٍ» كرسل. تَرَوْنَها صفة ل عَمَدٍ أو استئناف للاستشهاد برؤيتهم السموات كذلك، وهو دليل على وجود الصانع الحكيم فإن ارتفاعها على سائر الأجسام السماوية لها في حقيقة الجرمية، واختصاصها بما يقتضي ذلك لا بد وأن يكون بمخصص ليس بجسم ولا جسماني يرجح بعض الممكنات على بعض بإرادته وعلى هذا المنهاج سائر ما ذكر من الآيات. ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ بالحفظ والتدبير. وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ذللهما لما أراد منهما كالحركة المستمرة على حد من السرعة ينفع في حدوث الكائنات وبقائها. كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى لمدة معينة يتم فيها أدواره، أو لغاية مضروبة ينقطع دونها سيره وهي إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ. يُدَبِّرُ الْأَمْرَ أمر ملكوته من الايجاد والإِعدام والإِحياء والإِماتة وغير ذلك. يُفَصِّلُ الْآياتِ ينزلها ويبينها مفصلة أو يحدث الدلائل واحداً بعد واحد. لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ لكي تتفكروا فيها وتتحققوا كمال قدرته فتعلموا أن من قدر على خلق هذه الأشياء وتدبيرها قدر على الإعادة والجزاء.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣ الى ٤]
وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)