ولعل أصله المحل بمعنى القحط. وقيل فعال من المحل بمعنى القوة. وقيل مفعل من الحول أو الحيلة أعل على غير قياس ويعضده أنه قرئ بفتح الميم على أنه مفعل من حال يحول إذا احتال، ويجوز أن يكون بمعنى الفقار فيكون مثلاً في القوة والقدرة كقولهم: فساعد الله أشد وموساه أحد.
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٤]
لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (١٤)
لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ الدعاء الحق فإنه الذي يحق أن يعبد ويدعى إلى عبادته دون غيره، أو له الدعوة المجابة فإن من دعاه أجابه، ويؤيده ما بعده والْحَقِّ على الوجهين ما يناقض الباطل وإضافة ال دَعْوَةُ لما بينهما من الملابسة، أو على تأويل دعوة المدعو الحق. وقيل الْحَقِّ هو الله تعالى وكل دعاء إليه دعوة الحق، والمراد بالجملتين إن كانت الآية في أربد وعامر أن إهلاكهما من حيث لم يشعرا به محال من الله إجابة لدعوة رسوله صلّى الله عليه وسلّم أو دلالة على أنه على الحق، وإن كانت عامة فالمراد وعيد الكفرة على مجادلة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بحلول محاله بهم وتهديدهم بإجابة دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم عليهم، أو بيان ضلالهم وفساد رأيهم. وَالَّذِينَ يَدْعُونَ أي والأصنام الذين يدعوهم المشركون، فحذف الراجع أو والمشركون الذين يدعون الأصنام فحذف المفعول لدلالة مِنْ دُونِهِ عليه. لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ من الطلبات. إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إلا استجابة كاستجابة من بسط كفيه. إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ يطلب منه أن يبلغه. وَما هُوَ بِبالِغِهِ لأنه جماد لا يشعر بدعائه ولا يقدر على إجابته والإِتيان بغير ما جبل عليه وكذلك آلهتهم. وقيل شبهوا في قلة جدوى دعائهم لها بمن أراد أن يغترف الماء ليشربه فبسط كفيه ليشربه. وقرئ «تدعون» بالتاء وباسط بالتنوين. وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ في ضياع وخسار وباطل.
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٥]
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥)
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً يحتمل أن يكون السجود على حقيقته فإنه يسجد له الملائكة والمؤمنون من الثقلين، طوعاً حالتي الشدة والرخاء والكفرة كرهاً حال الشدة والضرورة.
وَظِلالُهُمْ بالعرض وأن يراد به انقيادهم لإِحداث ما أراده منهم شاؤوا أو كرهوا، وانقياد ظلالهم لتصريفه إياها بالمد والتقليص وانتصاب طَوْعاً وَكَرْهاً بالحال أو العلة وقوله: بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ظرف ل يَسْجُدُ والمراد بهما الدوام أو حال من الظلال، وتخصيص الوقتين لأن الظلال إنما تعظم وتكثر فيهما، والغدو جمع غداة كقنى جمع قناة، والْآصالِ جمع أصيل وهو ما بين العصر والمغرب. وقيل الغدو مصدر ويؤيده أنه قد قرئ و «الإِيصال» وهو الدخول في الأصيل.
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٦]
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خالقهما ومتولي أمرهما. قُلِ اللَّهُ أجب عنهم بذلك إذ لا جواب لهم سواه، ولأنه البين الذي لا يمكن المراء فيه أو لقنهم الجواب به. قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ ثم ألزمهم بذلك لأن اتخاذهم منكر بعيد عن مقتضى العقل. أَوْلِياءَ لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا لا يقدرون على أن يجلبوا إليها نفعاً أو يدفعوا عنها ضراً فكيف يستطيعون إنفاع الغير ودفع الضر عنه، وهو دليل ثان على ضلالهم وفساد رأيهم في اتخاذهم أولياء رجاء أن يشفعوا لهم. قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ المشرك