الجواب لتحريضهم.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١١٥ الى ١١٦]
قالُوا يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)
قالُوا يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ خيروا موسى مراعاة للأدب أو إظهاراً للجلادة، ولكن كانت رغبتهم في أن يلقوا قبله فنبهوا عليها بتغيير النظم إلى ما هو أبلغ وتعريف الخبر وتوسيط الفصل أو تأكيد ضميرهم المتصل بالمنفصل فلذلك:
قالَ بَلْ أَلْقُوا كرماً وتسامحاً، أو ازدراء بهم ووثوقاً على شأنه. فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ بأن خيلوا إليها ما الحقيقة بخلافه. وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وأرهبوهم إرهاباً شديداً كأنهم طلبوا رهبتهم. وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ في فنه.
روي أنهم ألقوا حبالاً غلاظاً وخشباً طوالاً كأنها حيات ملأت الوادي، وركب بعضها بعضا.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١١٧ الى ١١٩]
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (١١٧) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (١١٩)
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فألقاها فصارت حية. فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ أي ما يزورونه من الإِفك، وهو الصرف وقلب الشيء عن وجهه، ويجوز أن تكون ما مصدرية وهي مع الفعل بمعنى المفعول.
روي: أنها لما تلقفت حبالهم وعصيهم وابتلعتها بأسرها أقبلت على الحاضرين فهربوا وازدحموا حتى هلك جمع عظيم، ثم أخذها موسى فصارت عصاً كما كانت فقال السحرة: لو كان هذا سحراً لبقيت حبالنا وعصينا.
وقرأ حفص عن عاصم تَلْقَفُ هاهنا وفي «طه» و «الشعراء».
فَوَقَعَ الْحَقُّ فثبت لظهور أمره. وَبَطَلَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ من السحر والمعارضة.
فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ أي صاروا أذلاء مبهوتين، أو رجعوا إلى المدينة أذلاء مقهورين، والضمير لفرعون وقومه.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٢٠ الى ١٢٢]
وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (١٢٠) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (١٢٢)
وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ جعلهم ملقين على وجوههم تنبيهاً على أن الحق بهرهم واضطرهم إلى السجود بحيث لم يبق لهم تمالك، أو أن الله ألهمهم ذلك وحملهم عليه حتى ينكسر فرعون بالذين أراد بهم كسر موسى وينقلب الأمر عليه، أو مبالغة في سرعة خرورهم وشدته.
قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ.
رَبِّ مُوسى وَهارُونَ أبدلوا الثاني من الأول لئلا يتوهم أنهم أرادوا به فرعون.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٢٣ الى ١٢٤]
قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (١٢٣) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (١٢٤)
قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ بالله أو بموسى، والاستفهام فيه للإِنكار. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وروح عن يعقوب وهشام بتحقيق الهمزتين على الأصل. وقرأ حفص آمَنْتُمْ بِهِ على الإِخبار، وقرأ قنبل قالَ فِرْعَوْنُ، و «آمنتم» يبدل في حال الوصل من همزة الاستفهام واوا مفتوحة ويمد بعدها مدة في تقدير ألفين وقرأ في طه على الخبر بهمزة وألف وقرأ في الشعراء على الاستفهام بهمزة ومدة مطولة في تقدير