إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ العفائف. الْغافِلاتِ عما قذفن به. الْمُؤْمِناتِ بالله وبرسوله استباحة لعرضهن وطعناً في الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين كابن أبي. لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لما طعنوا فيهن. وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ لعظم ذنوبهم، وقيل هو حكم كل قاذف ما لم يتب، وقيل مخصوص بمن قذف أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا توبة له، ولو فتشت وعيدات القرآن لم تجد أغلظ مما نزل في إفك عائشة رضي الله تعالى عنها.
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ظرف لما في لهم من معنى الاستقرار لا للعذاب لأنه موصوف، وقرأ حمزة والكسائي بالياء للتقدم والفصل. أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يعترفون بها بإنطاق الله تعالى إياها بغير اختيارهم، أو بظهور آثاره عليها وفي ذلك مزيد تهويل للعذاب.
يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ جزاءهم المستحق. وَيَعْلَمُونَ لمعاينتهم الأمر. أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ الثابت بذاته الظاهر ألوهيته لا يشاركه في ذلك غيره ولا يقدر على الثواب والعقاب سواه، أو ذو الحق البين أي العادل الظاهر عدله ومن كان هذا شأنه ينتقم من الظالم للمظلوم لا محالة.
[سورة النور (٢٤) : آية ٢٦]
الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)
الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أي الخبائث يتزوجن الخباث وبالعكس وكذلك أهل الطيب فيكون كالدليل على قوله: أُولئِكَ يعني أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم أو الرسول وعائشة وصفوان رضي الله تعالى عنهم. مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ إذ لو صدق لم تكن زوجته عليه السلام ولم يقرر عليها، وقيل الْخَبِيثاتُ وَالطَّيِّباتُ من الأقوال والإِشارة إلى «الطيبين» والضمير في يَقُولُونَ للآفكين، أي مبرؤون مما يقولون فيهم أو لِلْخَبِيثِينَ والْخَبِيثاتُ أي مبرؤون من أن يقولوا مثل قولهم. لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ يعني الجنة، ولقد برأ الله أربعة بأربعة: برأ يوسف عليه السلام بشاهد من أهلها، وموسى عليه الصلاة والسلام من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه، ومريم بإنطاق ولدها، وعائشة رضي الله عنها بهذه الآيات الكريمة مع هذه المبالغة، وما ذلك إلا لإِظهار منصب الرسول صلّى الله عليه وسلّم وإعلاء منزلته.
[سورة النور (٢٤) : آية ٢٧]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ التي لا تسكنونها فإن الآجر والمعير أيضاً لا يدخلان إلا بإذن. حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا تستأذنوا من الاستئناس بمعنى الاستعلام من آنس الشيء إذا أبصره، فإن المستأذن مستعلم للحال مستكشف أنه هل يراد دخوله أو يؤذن له، أو من الاستئناس الذي هو خلاف الاستيحاش فإن المستأذن مستوحش خائف أن لا يؤذن له فإذا له استأنس، أو تتعرفوا هل ثم إنسان من الإنس. وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها بأن تقولوا السلام عليكم أأدخل.
وعنه عليه الصلاة والسلام «التسليم أن يقول السلام عليكم، أأدخل؟ ثلاث مرات، فإن أذن له دخل وإلا رجع».
ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ أي الاستئذان أو التسليم خير لكم من أن تدخلوا بغتة، أو من تحية الجاهلية كان الرجل منهم إذا دخل بيتاً غير بيته قال: حييتم صباحاً أو حييتم مساء ودخل فربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف.
وروي أن رجلاً قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم «أأستأذن على أمي، قال: نعم، قال: إنها ليس لها خادم غيري أأستأذن عليها كلما دخلت، قال: أتحب أن تراها عريانة، قالا:
لا، قال: فاستأذن».
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ متعلق بمحذوف أي أنزل عليكم، أو قيل لكم هذا إرادة أن تذكروا