يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ تجامعوهن، وقرأ حمزة والكسائي بألف وضم التاء. فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ أيام يتربصن فيها بأنفسهن. تَعْتَدُّونَها تستوفون عددها من عددت الدراهم فاعتدها كقولك: كلته فاكتاله، أو تعدونها. والإِسناد إلى الرجال للدلالة على أن العدة حق الأزواج كما أشعر به فما لكم، وعن ابن كثير تَعْتَدُّونَها مخففاً على إبدال إحدى الدالين بالياء أو على أنه من الاعتداء بمعنى تعتدون فيها، وظاهره يقتضي عدم وجوب العدة بمجرد الخلوة وتخصيص المؤمنات والحكم عام للتنبيه على أن من شأن المؤمن أن لا ينكح إلا مؤمنة تخيرا لنطفته، وفائدة ثم إزاحة ما عسى أن يتوهم تراخي الطلاق ريثما تمكن الإِصابة كما يؤثر في النسب يؤثر في العدة. فَمَتِّعُوهُنَّ أي إن لم يكن مفروضاً لها فإن الواجب للمفروض لها نصف المفروض دون المتعة ويجوز أن يؤول التمتيع بما يعمهما، أو الأمر بالمشترك بين الوجوب والندب فإن المتعة سنة للمفروض لها. وَسَرِّحُوهُنَّ أخرجوهن من منازلكم إذ ليس لكم عليهن عدة. سَراحاً جَمِيلًا من غير ضرار ولا منع حق، ولا يجوز تفسيره بالطلاق السني لأنه مرتب على الطلاق والضمير لغير المدخول بهن.
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٠]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠)
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ مهورهن لأن المهر أجر على البضع، وتقييد الإِحلال له بإعطائها معجلة لا لتوقف الحل عليه بل لإيثار الأفضل له كتقييد إحلال المملوكة بكونها مسبية بقوله: وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ فإن المشتراة لا يتحقق بدء أمرها وما جرى عليها، وتقييد القرائب بكونها مهاجرات معه في قوله: وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ ويحتمل تقييد الحل بذلك في حقه خاصة ويعضده
قول أم هانئ بنت أبي طالب: خطبني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاعتذرت إليه فعذرني، ثم أنزل الله هذه الآية فلم أحل له لأني لم أهاجر معه، كنت من الطلقاء.
وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ نصب بفعل يفسره ما قبله أو عطف على ما سبق، ولا يدفعه التقييد بأن التي للاستقبال فإن المعنى بالإحلال الإعلام بالحل أي: أعلمناك حل امرأة مؤمنة تهب لك نفسها ولا تطلب مهراً إن اتفق ولذلك نكرها. واختلف في اتفاق ذلك والقائل به ذكر أربعاً: ميمونة بنت الحرث، وزينب بنت خزيمة الأنصارية، وأم شريك بنت جابر، وخولة بنت حكيم. وقرئ «أَن» بالفتح أي لأن وهبت أو مدة أن وهبت كقولك: اجلس ما دام زيد جالساً. إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها شرط للشرط الأول في استيجاب الحل فإن هبتها نفسها منه لا توجب له حلها إلا بإرادته نكاحها، فإنها جارية مجرى القبول والعدول عن الخطاب إلى الغيبة بلفظ النبي مكرراً، ثم الرجوع إليه في قوله: خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ إيذان بأنه مما خص به لشرف نبوته وتقرير لاستحقاق الكرامة لأجله. واحتج به أصحابنا على أن النكاح لا ينعقد بلفظ الهبة لأن اللفظ تابع للمعنى وقد خص عليه الصلاة والسلام بالمعنى فيختص باللفظ، والاستنكاح طلب النكاح والرغبة فيه، وخالِصَةً مصدر مؤكد أي خلص إحلالها أو إحلال ما أحللنا لك على القيود المذكورة خلوصاً لك، أو حال من الضمير في وَهَبَتْ أو صفة لمصدر محذوف أي هبة خالصة. قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ من شرائط العقد ووجوب القسم والمهر بالوطء حيث لم يسم. وَما مَلَكَتْ