في تحتها للنخلة. أَلَّا تَحْزَنِي أي لا تحزني أو بأن لا تحزني. قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا جدولاً. هكذا روي مرفوعا، وقيل سيدا من السرو وهو عيسى عليه الصلاة والسلام.
[سورة مريم (١٩) : آية ٢٥]
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥)
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ وأميليه إليك، والباء مزيدة للتأكيد أو افعلي الهز والأمالة به، أو هُزِّي الثمرة بهزه والهز تحريك بجذب ودفع. تُساقِطْ عَلَيْكِ تتساقط فأدغمت التاء الثانية في السين وحذفها حمزة، وقرأ يعقوب بالياء وحفص تُساقِطْ من ساقطت بمعنى أسقطت، وقرئ «تتساقط» و «تسقط» و «يسقط» فالتاء للنخلة والياء للجذع. رُطَباً جَنِيًّا تمييز أو مفعول.
روي أنها كانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا ثمر وكان الوقت شتاء، فهزتها فجعل الله تعالى لها رأساً وخوصاً ورطباً.
وتسليتها بذلك لما فيه من المعجزات الدالة على براءة ساحتها فإن مثلها لا يتصور لمن يرتكب الفواحش، والمنبهة لمن رآها على أن من قدر أن يثمر النخلة اليابسة في الشتاء قدر أن يحبلها من غير فحل، وأنه ليس ببدع من شأنها مع ما فيه من الشراب والطعام ولذلك رتب عليه الأمرين فقال:
[سورة مريم (١٩) : آية ٢٦]
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)
فَكُلِي وَاشْرَبِي أي من الرطب وماء السرى أو من الرطب وعصيره. وَقَرِّي عَيْناً وطيبي نفسك وارفضي عنها ما أحزنك، وقرئ «وقَرى» بالكسر وهو لغة نجد، واشتقاقه من القرار فإن العين إذا رأت ما يسر النفس سكنت إليه من النظر إلى غيره، أو من القر فإن دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة ولذلك يقال قرة العين للمحبوب وسخنتها للمكروه. فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فإن تري آدميا، وقرئ «ترئن» على لغة من يقول لبأت بالحج لتآخ بين الهمزة وحرف اللين. فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً صمتا وقد قرئ به، أو صياماً وكانوا لا يتكلمون في صيامهم. فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا بعد أن أخبرتكم بنذري وإنما أكلم الملائكة وأناجي ربي. وقيل أخبرتهم بنذرها بالإِشارة وأمرها بذلك لكراهة المجادلة والاكتفاء بكلام عيسى عليه الصلاة والسلام فإنه قاطع في قطع الطاعن.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ مَا كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)
فَأَتَتْ بِهِ أي مع ولدها. قَوْمَها راجعة إليهم بعد ما طهرت من النفاس. تَحْمِلُهُ حاملة إياه.
قالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا أي بديعاً منكراً من فري الجلد.
يَآ أُخْتَ هارُونَ يعنون هارون النبي عليه الصلاة والسلام وكانت من أعقاب من كان معه في طبقة الأخوة، وقيل كانت من نسله وكان بينهما ألف سنة. وقيل هو رجل صالح أو طالح كان في زمانهم شبهوها به تهكماً أو لما رأوا قبل من صلاحها أو شتموها به. مَا كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا تقرير لأن ما جاءت به فري، وتنبيه على أن الفواحش من أولاد الصالحين أفحش.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]
فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠)
فَأَشارَتْ إِلَيْهِ إلى عيسى عليه الصلاة والسلام أي كلموه ليجيبكم. قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي