[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٢٦]

وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحاقَ بِهِمْ مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦)
وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ إِنْ نافية وهي أحسن من ما هاهنا لأنها توجب التكرير لفظاً ولذلك قلبت ألفها هاء في مهما، أو شرطية محذوفة الجواب والتقدير، ولقد مكناهم في الذي أوفي شيء إن مكناكم فيه كان بغيكم أكثر، أو صلة كما في قوله:
يُرَجِّي المَرْءُ مَا إِنْ لاَ يَرَاه ويعرض دُونَ أدناهُ الخُطُوبُ
والأول أظهر وأوفق لقوله: هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً. وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً ليعرفوا تلك النعم ويستدلوا بها على مانحها تعالى ويواظبوا على شكرها. فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ من الإِغناء وهو القليل. إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ صلة فَما أَغْنى وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث إن الحكم مرتب على ما أضيف إليه وكذلك حيث.
وَحاقَ بِهِمْ مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب.
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]
وَلَقَدْ أَهْلَكْنا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨)
وَلَقَدْ أَهْلَكْنا مَا حَوْلَكُمْ يا أهل مكة. مِنَ الْقُرى كحجر ثمود وقرى قوم لوط. وَصَرَّفْنَا الْآياتِ بتكريرها. لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عن كفرهم.
فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً فهلا منعتهم من الهلاك آلهتهم الذين يتقربون بهم إلى الله تعالى حيث قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وأول مفعولي اتَّخَذُوا
الراجع إلى الموصول محذوف، وثانيهما قُرْباناً وآلِهَةً بدل أو عطف بيان، أو آلِهَةً وقُرْباناً حال أو مفعول له على أنه بمعنى التقرب.
وقرئ «قُربَاناً» بضم الراء. بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ غابوا عن نصرهم وامتنع أن يستمدوا بهم امتناع الاستمداد بالضال. وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وذلك الاتخاذ الذي هذا أثره صرفهم عن الحق، وقرئ «إِفْكِهِمْ» بالتشديد للمبالغة، و «آفكهم» أي جعلهم آفكين و «آفكهم» أي قولهم الآفك أي ذو الإِفك. وَما كانُوا يَفْتَرُونَ.
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]
وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قالُوا يَا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠)
وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ أملناهم إليك والنفر دون العشرة وجمعه أنفار. يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ حَال محمولة على المعنى. فَلَمَّا حَضَرُوهُ أي القرآن أو الرسول. قالُوا أَنْصِتُوا قال بعضهم لبعض اسكتوا لنسمعه. فَلَمَّا قُضِيَ أتم وفرغ من قراءته، وقرئ على بناء الفاعل وهو ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام. وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ أي منذرين إياهم بما سمعوا.
روي أنهم وافوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بوادي النخلة عند منصرفه من الطائف يقرأ في تهجده.
قالُوا يَا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى قيل إنما قالوا ذلك لأنهم كانوا يهودا أو ما سمعوا بأمر عيسى عليه الصلاة والسلام. مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ من العقائد. وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ من


الصفحة التالية
Icon