والسلام إلى الإِمام على قول وإلى العساكر والثغور على قول وإلى مصالح المسلمين على قول. وقيل يخمس خمسه كالغنيمة فإنه عليه الصلاة والسلام كان يقسم الخمس كذلك ويصرف الأخماس الأربعة كما يشاء والآن على الخلاف المذكور. كَيْ لا يَكُونَ أي الفيء الذي حقه أن يكون للفقراء. وقرأ هشام في رواية بالتاء.
دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ الدولة ما يتداوله الأغنياء ويدور بينهم كما كان في الجاهلية، وقرئ «دُولَةً» بمعنى كيلا يكون الفيء ذا تداول بينهم أو أخذه غلبة تكون بينهم، وقرأ هشام دُولَةً بالرفع على كان التامة أي كيلا يقع دولة جاهلية. وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ وما أعطاكم من الفيء أو من الأمر. فَخُذُوهُ لأنه حلال لكم، أو فتمسكوا به لأنه واجب الطاعة. وَما نَهاكُمْ عَنْهُ عن أخذه منه، أو عن إتيانه. فَانْتَهُوا عنه. وَاتَّقُوا اللَّهَ في مخالفة رسوله. إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن خالفه.
[سورة الحشر (٥٩) : آية ٨]
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨)
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ بدل من لِذِي الْقُرْبى وما عطف عليه فإن الرَّسُولُ لا يسمى فقيراً، ومن أعطى أغنياء ذوي القربى خصص الإبدال بما بعده، أو الفيء بفيء بني النضير. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ فإن كفار مكة أخرجوهم وأخذوا أموالهم. يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً حال مقيدة لإخراجهم بما يوجب تفخيم شأنهم. وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بأنفسهم وأموالهم. أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ في إيمانهم.
[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ٩ الى ١٠]
وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩) وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٠)
وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ عطف على المهاجرين، والمراد بهم الأنصار الذين ظهر صدقهم فإنهم لزموا المدينة والإِيمان وتمكنوا فيهما، وقيل المعنى تبؤوا دار الهجرة ودار الإِيمان فحذف المضاف من الثاني والمضاف إليه من الأول وعوض عنه اللام، أو تبؤوا الدار وأخلصوا الإِيمان كقوله: علفتها تبنا وماء باردا.
وقيل سمى المدينة بالإِيمان لأنها مظهره ومصيره. مِنْ قَبْلِهِمْ من قبل هجرة المهاجرين. وقيل تقدير الكلام والذين تبؤوا الدار من قبلهم والإِيمان. يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ولا يثقل عليهم. وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ في أنفسهم. حاجَةً ما تحمل عليه الحاجة كالطلب والحزازة والحسد والغيظ. مِمَّا أُوتُوا مما أعطي المهاجرون من الفيء وغيره. وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ويقدمون المهاجرين على أنفسهم حتى إن من كان عنده امرأتان نزل عن واحدة وزوجها من أحدهم. وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ حاجة من خصاص البناء وهي فرجه. وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال وبغض الإِنفاق. فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالثناء العاجل والثواب الآجل.
وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ هم الذين هاجروا حين قوي الإِسلام، أو التابعون بإحسان وهم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة ولذلك قيل: إن الآية قد استوعبت جميع المؤمنين. يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ أي لإِخواننا في الدين. وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا حقداً لهم.
رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فحقيق بأن تجيب دعاءنا.