هؤلاء لأن قوله: أَنْ تَبَرُّوهُمْ بدل من الَّذِينَ. وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ وتفضوا إليهم بالقسط أي العدل. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ العادلين،
روي أن قتيلة بنت عبد العزى قدمت مشركة على بنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا، فلم تقبلها ولم تأذن لها بالدخول فنزلت.
إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ كمشركي مكة فإن بعضهم سعوا في إخراج المؤمنين وبعضهم أعانوا المخرجين. أَنْ تَوَلَّوْهُمْ بدل من الَّذِينَ بدل الاشتمال. وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ لوضعهم الولاية في غير موضعها.
[سورة الممتحنة (٦٠) : آية ١٠]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ فاختبروهن بما يغلب على ظنكم موافقة قلوبهم لسانهن في الإِيمان. اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فإنه المطلع على ما في قلوبهن. فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ العلم الذي يمكنكم تحصيله وهو الظن الغالب بالحلف وظهور الأمارات، وإنما سماه علماً إيذاناً بأنه كالعلم في وجوب العمل به. فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ أي إلى أزواجهن الكفرة لقوله: لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ والتكرير للمطابقة والمبالغة، أو الأولى لحصول الفرقة والثانية للمنع عن الاستئناف. وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ما دفعوا إليهن من المهور، وذلك لأن صلح الحديبية جرى: على أن من جاءنا منكم رددناه. فلما تعذر عليه ردهن لورود النهي عنه لزمه رد مهورهن. إذ
روي أنه عليه السلام كان بعد الحديبية إذ جاءته سبيعة بنت الحرث الأسلمية مسلمة فأقبل زوجها مسافر المخزومي طالباً لها فنزلت.
فاستخلفها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فحلفت فأعطى زوجها ما أنفق وتزوجها عمر رضي الله تعالى عنه. وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ فإن الإِسلام حال بينهن وبين أزواجهن الكفار. إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ شرط إيتاء المهر في نكاحهن إيذاناً بأن ما أعطى أزواجهن لا يقوم مقام المهر. وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ بما يعتصم به الكافرات من عقد وسبب جمع عصمة، والمراد نهي المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات، وقرأ البصريان وَلا تُمْسِكُوا بالتشديد. وَسْئَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ من مهور نسائكم اللاحقات بالكفار. وَلْيَسْئَلُوا مَا أَنْفَقُوا من مهور أزواجهم المهاجرات. ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يعني جميع ما ذكر في الآية. يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ استئناف أو حال من الحكم على حذف الضمير، أو جعل الحكم حاكماً على المبالغة. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ يشرع ما تقتضيه حكمته.
[سورة الممتحنة (٦٠) : آية ١١]
وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١)
وَإِنْ فاتَكُمْ وإن سبقكم وانفلت منكم. شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ أحد من أزواجكم، وقد قرئ به وإيقاع شَيْءٌ موقعه للتحقير والمبالغة في التعميم، أو شَيْءٌ من مهورهن. إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فجاءت عقبتكم أي نوبتكم من أداء المهر، شبه الحكم بأداء هؤلاء مهور نساء أولئك تارة وأداء أولئك مهور نساء هؤلاء أخرى بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب في الركوب وغيره. فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا من مهر المهاجرة ولا تؤتوه زوجها الكافر.
روي أنه لما نزلت الآية المتقدمة أبى المُشركون أن يؤدوا مهر الكوافر فنزلت.
وقيل معناه إن فاتكم فأصبتم من الكفار عقبى وهي الغنيمة فَآتُوا بدل الفائت من الغنيمة. وَاتَّقُوا