[سورة الجن (٧٢) : الآيات ٦ الى ٧]

وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (٧)
وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فإن الرجل كان إذا أمسى بقفر قال أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه. فَزادُوهُمْ فزادوا الجن باستعاذتهم بهم. رَهَقاً كبراً وعتواً، أو فزاد الجن الإنس غيا بأن أضلوهم حتى استعاذوا بهم، والرهق في الأصل غشيان الشيء.
وَأَنَّهُمْ وأن الإِنس. ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أيها الجن أو بالعكس، والآيتان من كلام الجن بعضهم لبعض أو استئناف كلام من الله تعالى، ومن فتح أن فيهما جعلهما من الموحى به. أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً ساد مسد مفعولي ظَنُّوا.
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ٨ الى ٩]
وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (٩)
وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ طَلَبنا بلوغ السماء أو خبرها، واللمس مستعار من المس للطلب كالجس يقال لمسه والتمسه وتلمسه كطلبه واطلبه وتطلبه. فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً حراساً اسم جمع كالخدم. شَدِيداً قوياً وهم الملائكة الذين يمنعونهم عنها. وَشُهُباً جمع شهاب وهو المضيء المتولد من النار.
وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ مقاعد خالية عن الحرس والشهب، أو صالحة للترصد والاستماع، ولِلسَّمْعِ صلة ل نَقْعُدُ أو صفة ل مَقاعِدَ. فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً أي شهاباً راصداً له ولأجله يمنعه عن الاستماع بالرجم، أو ذوي شهاب راصدين على أنه اسم جمع للراصد، وقد مر بيان ذلك في «الصافات».
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ١٠ الى ١١]
وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١)
وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ بحراسة السماء. أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً خيراً.
وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ المؤمنون الأبرار. وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ أي قوم دون ذلك فحذف الموصوف وهم المقتصدون. كُنَّا طَرائِقَ ذوي طرائق أي مذاهب، أو مثل طرائق في اختلاف الأحوال أو كانت طرائقنا طرائق. قِدَداً متفرقة مختلفة جمع قدة من قد إذا قطع.
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ١٢ الى ١٣]
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣)
وَأَنَّا ظَنَنَّا علمنا. أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ كائنين في الأرض أينما كنا فيها. وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً هاربين منها إلى السماء، أو لن نعجزه في الأرض إن أراد بنا أمراً ولن نعجزه هربا إن طلبنا.
وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى أي القرآن. آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ فهو لا يخاف، وقرئ «فلا يخف» والأول أدل على تحقيق نجاة المؤمنين واختصاصها بهم. بَخْساً وَلا رَهَقاً نقصاً في الجزاء ولا أن يرهقه ذلة، أو جزاء بخس لأنه لم يبخس لأحد حقاً ولم يرهق ظلماً، لأن من حق المؤمن بالقرآن أن يجتنب ذلك.


الصفحة التالية
Icon