وهي النفخة الثانية من زجر الراعي غنمه إذا صاح عليها وأمرها في الإِعادة كأمر كُنْ في الإِبداء ولذلك رتب عليها. فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ فإذا هم قيام من مراقدهم أحياء يبصرون، أو ينتظرون ما يفعل بهم.
وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ اليوم الذي نجازى بأعمالنا وقد تم به كلامهم وقوله:
هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ جواب الملائكة، وقيل هو أيضاً من كلام بعضهم لبعض والفصل القضاء، أو الفرق بين المحسن والمسيء.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٢٢ الى ٢٣]
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣)
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا أمر الله للملائكة، أو أمر بعضهم لبعض بحشر الظلمة من مقامهم إلى الموقف.
وقيل منه إلى الجحيم. وَأَزْواجَهُمْ وأشباههم عابد الصنم مع عبدة الصنم وعابد الكوكب مع عبدته كقوله تعالى: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً أو نساءهم اللاتي على دينهم أو قرناءهم من الشياطين. وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام وغيرها زيادة في تحسيرهم وتخجيلهم، وهو عام مخصوص بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى الآية، وفيه دليل على أن الَّذِينَ ظَلَمُوا هم المشركون. فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ فعرفوهم طريقاً ليسلكوها.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٢٤ الى ٢٦]
وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤) مَا لَكُمْ لاَ تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦)
وَقِفُوهُمْ احبسوهم في الموقف. إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن عقائدهم وأعمالهم والواو لا توجب الترتيب مع جواز أن يكون موقفهم متعدداً.
مَا لَكُمْ لاَ تَناصَرُونَ لا ينصر بعضكم بعضاً بالتخليص، وهو توبيخ وتقريع.
بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ منقادون لعجزهم وانسداد الحيل عليهم، وأصل الاستسلام طلب السلامة أو متسالمون كأنه يسلم بعضهم بعضاً ويخذله.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨)
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يعني الرؤساء والأتباع أو الكفرة والقرناء. يَتَساءَلُونَ يسأل بعضهم بعضاً للتوبيخ ولذلك فسر بيتخاصمون.
قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ عن أقوى الوجوه وأيمنها، أو عن الدين أو عن الخير كأنكم تنفعوننا نفع السانح فتبعناكم وهلكنا، مستعار من يمين الإِنسان الذي هو أقوى الجانبين وأشرفهما وأنفعهما ولذلك سمي يميناً وتيمن بالسانح، أو عن القوة والقهر فتقسروننا على الضلال، أو عن الحلف فإنهم كانوا يحلفون لهم إنهم على الحق.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٢٩ الى ٣٢]
قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢)
قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.
وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ أجابهم الرؤساء أولاً بمنع إضلالهم بأنهم كانوا ضالين في أنفسهم، وثانياً بأنهم ما أجبروهم على الكفر إذ لم يكن لهم عليهم تسلط وإنما جنحوا إليه لأنهم كانوا قوماً مختارين الطغيان.


الصفحة التالية
Icon