فلا تعجبك -أيها النبي- أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم، إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الحياة الدنيا بالتعب في تحصيلها وبالمصائب التي تقع فيها، حيث لا يحتسبون ذلك عند الله، وتخرج أنفسهم، فيموتوا على كفرهم بالله ورسوله.
ويحلف هؤلاء المنافقون بالله لكم أيها المؤمنون كذبًا وباطلا إنهم لمنكم، وليسوا منكم، ولكنهم قوم يخافون فيحلفون تَقِيَّة لكم.
لو يجد هؤلاء المنافقون مأمنًا وحصنًا يحفظهم، أو كهفًا في جبل يؤويهم، أو نفقًا في الأرض ينجيهم منكم، لانصرفوا إليه وهم يسرعون.
ومن المنافقين مَن يعيبك في قسمة الصدقات، فإن نالهم نصيب منها رضوا وسكتوا، وإن لم يصبهم حظ منها سخطوا عليك وعابوك.
ولو أن هؤلاء الذين يعيبونك في قسمة الصدقات رضوا بما قسم الله ورسوله لهم، وقالوا: حسبنا الله، سيؤتينا الله من فضله، ويعطينا رسوله مما آتاه الله، إنا نرغب أن يوسع الله علينا، فيغنينا عن الصدقة وعن صدقات الناس. لو فعلوا ذلك لكان خيرًا لهم وأجدى.
إنما تعطى الزكوات الواجبة للمحتاجين الذين لا يملكون شيئًا، وللمساكين الذين لا يملكون ما يكفيهم ويسد حاجتهم، وللسعاة الذين يجمعونها، وللذين تؤلِّفون قلوبهم بها ممن يُرْجَى إسلامه أو قوة إيمانه أو نفعه للمسلمين، أو تدفعون بها شرَّ أحد عن المسلمين، وتعطى في عتق رقاب الأرقاء والمكاتبين، وتعطى للغارمين لإصلاح ذات البين، ولمن أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا تبذير فأعسروا، وللغزاة في سبيل الله، وللمسافر الذي انقطعت به النفقة، هذه القسمة فريضة فرضها الله وقدَّرها. والله عليم بمصالح عباده، حكيم في تدبيره وشرعه.
ومن المنافقين قوم يؤذون رسول الله ﷺ بالكلام، ويقولون: إنه يستمع لكل ما يقال له فيصدقه، قل لهم -أيها النبي-: إن محمدًا هو أذن تستمع لكل خير، يؤمن بالله ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه، وهو رحمة لمن اتبعه واهتدى بهداه. والذين يؤذون رسول الله محمدًا ﷺ بأي نوع من أنواع الإيذاء، لهم عذاب مؤلم موجع.