إن أفعالكم -معشر المنافقين- من الاستهزاء والكفر كأفعال الأمم السابقة التي كانت على جانب من القوة والمال والأولاد أشد منكم، فاطْمَأنوا إلى الحياة الدنيا، وتَمتَّعوا بما فيها من الحظوظ والملذات، فاستمعتم أيها المنافقون بنصيبكم من الشهوات الفانية كاستمتاع الذين من قبلكم بحظوظهم الفانية، وخضتم بالكذب على الله كخوض تلك الأمم قبلكم، أولئك الموصوفون بهذه الأخلاق هم الذين ذهبت حسناتهم في الدنيا والآخرة، وأولئك هم الخاسرون ببيعهم نعيم الآخرة بحظوظهم من الدنيا.
ألم يأت هؤلاء المنافقين خبرُ الذين مضوا مِن قوم نوح وقبيلة عاد وقبيلة ثمود وقوم إبراهيم وأصحاب (مدين) وقوم لوط عندما جاءهم المرسلون بالوحي وبآيات الله فكذَّبوهم؟ فأنزل الله بهؤلاء جميعًا عذابه; انتقامًا منهم لسوء عملهم، فما كان الله ليظلمهم، ولكن كانوا هم الظالمين لأنفسهم بالتكذيب والمخالفة.
والمؤمنون والمؤمنات بالله ورسوله بعضهم أنصار بعض، يأمرون الناس بالإيمان والعمل الصالح، وينهونهم عن الكفر والمعاصي، ويؤدون الصلاة، ويعطون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، وينتهون عما نُهوا عنه، أولئك سيرحمهم الله فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته. إن الله عزيز في ملكه، حكيم في تشريعاته وأحكامه.
وعد الله المؤمنين والمؤمنات بالله ورسوله جنات تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا، لا يزول عنهم نعيمها، ومساكن حسنة البناء طيبة القرار في جنات إقامة، ورضوان من الله أكبر وأعظم مما هم فيه من النعيم. ذلك الوعد بثواب الآخرة هو الفلاح العظيم.


الصفحة التالية
Icon