قالت سارة لما بُشِّرت بإسحاق متعجبة: يا ويلتا كيف يكون لي ولد وأنا عجوز، وهذا زوجي في حال الشيخوخة والكبر؟ إن إنجاب الولد مِن مثلي ومثل زوجي مع كبر السن لَشيء عجيب.
قالت الرسل لها: أتعجبين من أمر الله وقضائه؟ رحمة الله وبركاته عليكم معشر أهل بيت النبوة. إنه سبحانه وتعالى حميد الصفات والأفعال، ذو مَجْد وعظمة فيها.
فلما ذهب عن إبراهيم الخوف الذي انتابه لعدم أكل الضيوف الطعام، وجاءته البشرى بإسحاق ويعقوب، ظلَّ يجادل رسلنا فيما أرسلناهم به من عقاب قوم لوط وإهلاكهم.
إن إبراهيم كثير الحلم لا يحب المعاجلة بالعقاب، كثير التضرع إلى الله والدعاء له، تائب يرجع إلى الله في أموره كلها.
قالت رسل الله: يا إبراهيم أعرض عن هذا الجدال في أمر قوم لوط والتماس الرحمة لهم; فإنه قد حق عليهم العذاب، وجاء أمر ربك الذي قدَّره عليهم بهلاكهم، وإنهم نازل بهم عذاب من الله غير مصروف عنهم ولا مدفوع.
ولما جاءت ملائكتنا لوطًا ساءه مجيئهم واغتمَّ لذلك; وذلك لأنه لم يكن يعلم أنهم رسل الله، فخاف عليهم من قومه، وقال: هذا يوم بلاء وشدة.
وجاء قومُ لوط يسرعون المشي إليه لطلب الفاحشة، وكانوا مِن قبل مجيئهم يأتون الرجال شهوة دون النساء، فقال لوط لقومه: هؤلاء بناتي تَزَوَّجوهن فهنَّ أطهر لكم مما تريدون، وسماهن بناته; لأن نبي الأمة بمنزلة الأب لهم، فاخشوا الله واحذروا عقابه، ولا تفضحوني بالاعتداء على ضيفي، أليس منكم رجل ذو رشد، ينهى من أراد ركوب الفاحشة، فيحول بينهم وبينها، فإهانة الضيف مسبة لا يفعلها إلا أهل السفاهة؟
قال قوم لوط له: لقد علمتَ من قبلُ أنه ليس لنا في النساء من حاجة أو رغبة، وإنك لتعلم ما نريد، أي لا نريد إلا الرجال ولا رغبة لنا في نكاح النساء.
قال لهم حين أبوا إلا فعل الفاحشة: لو أن لي بكم قوة وأنصارًا معي، أو أركَن إلى عشيرة تمنعني منكم، لَحُلْتُ بينكم وبين ما تريدون.
قالت الملائكة: يا لوط إنَّا رسل ربك أَرْسَلَنا لإهلاك قومك، وإنهم لن يصلوا إليك، فاخرج من هذه القرية أنت وأهلك ببقية من الليل، ولا يلتفت منكم أحد وراءه; لئلا يرى العذاب فيصيبه، لكنَّ امرأتك التي خانتك بالكفر والنفاق سيصيبها ما أصاب قومك من الهلاك، إن موعد هلاكهم الصبح، وهو موعد قريب الحلول.