وتحمل هذه الأنعام ما ثَقُل من أمتعتكم إلى بلد بعيد، لم تكونوا مستطيعين الوصول إليه إلا بجهد شديد من أنفسكم ومشقة عظيمة، إن ربكم لَرؤوف رحيم بكم، حيث سخَّر لكم ما تحتاجون إليه، فله الحمد وله الشكر.
وخلق لكم الخيل والبغال والحمير; لكي تركبوها، ولتكون جمَالا لكم ومنظرًا حسنًا; ويخلق لكم من وسائل الركوب وغيرها ما لا عِلْمَ لكم به; لتزدادوا إيمانًا به وشكرا له.
وعلى الله بيان الطريق المستقيم لِهدايتكم، وهو الإسلام، ومن الطرق ما هو مائل لا يُوصل إلى الهداية، وهو كل ما خالف الإسلام من الملل والنحل. ولو شاء الله هدايتكم لهداكم جميعًا للإيمان.
هو الذي أنزل لكم من السحاب مطرًا، فجعل لكم منه ماءً تشربونه، وأخرج لكم به شجرًا تَرْعَوْن فيه دوابّكم، ويعود عليكم دَرُّها ونفْعُها.
يُخرج لكم من الأرض بهذا الماء الواحد الزروع المختلفة، ويُخرج به الزيتون والنخيل والأعناب، ويُخرج به كل أنواع الثمار والفواكه. إن في ذلك الإخراج لدلالةً واضحة لقوم يتأملون، فيعتبرون.
وسخَّر لكم الليل لراحتكم، والنهار لمعاشكم، وسخَّر لكم الشمس ضياء، والقمر نورًا ولمعرفة السنين والحساب، وغير ذلك من المنافع، والنجوم في السماء مذللات لكم بأمر الله لمعرفة الأوقات، ونضج الثمار والزروع، والاهتداء بها في الظلمات. إن في ذلك التسخير لَدلائلَ واضحةً لقوم سيعقلون عن الله حججه وبراهينه.
وسخَّر ما خلقه لكم في الأرض من الدوابِّ والثمار والمعادن، وغير ذلك مما تختلف ألوانه ومنافعه. إن في ذلك الخَلْق واختلاف الألوان والمنافع لَعبرةً لقوم يتعظون، ويعلمون أنَّ في تسخير هذه الأشياء علاماتٍ على وحدانية الله تعالى وإفراده بالعبادة.
وهو الذي سخَّر لكم البحر; لتأكلوا مما تصطادون من سمكه لحمًا طريًا، وتستخرجوا منه زينة تَلْبَسونها كاللؤلؤ والمرجان، وترى السفن العظيمة تشق وجه الماء تذهب وتجيء، وتركبونها; لتطلبوا رزق الله بالتجارة والربح فيها، ولعلكم تشكرون لله تعالى على عظيم إنعامه عليكم، فلا تعبدون غيره.