وأنذر - أيها الرسول - الناس يوم الندامة حين يُقضى الأمر، ويُجَاءُ بالموت كأنَّه كبش أملح، فيُذْبَح، ويُفصل بين الخلق، فيصير أهل الإيمان إلى الجنة، وأهل الكفر إلى النار، وهم اليوم في هذه الدنيا في غفلة عمَّا أُنذروا به، فهم لا يصدقون، ولا يعملون العمل الصالح.
إنا نحن الوارثون للأرض ومَن عليها بفنائهم وبقائنا بعدهم وحُكْمنا فيهم، وإلينا مصيرهم وحسابهم، فنجازيهم على أعمالهم.
واذكر - أيها الرسول - لقومك في هذا القرآن قصة إبراهيم - عليه السلام - إنه كان عظيم الصدق، ومِن أرفع أنبياء الله تعالى منزلة.
إذ قال لأبيه آزر: يا أبت لأي شيء تعبد من الأصنام ما لا يسمع ولا يبصر، ولا يدفع عنك شيئًا من دون الله؟
يا أبت، إن الله أعطاني من العلم ما لم يعطك، فاقبل مني، واتبعني إلى ما أدعوك إليه، أرشدك إلى الطريق السوي الذي لا تضلُّ فيه.
يا أبت، لا تطع الشيطان فتعبد هذه الأصنام; إن الشيطان كان للرحمن مخالفًا مستكبرًا عن طاعة الله.
يا أبت، إني أخاف أن تموت على كفرك، فيمَسَّك عذاب من الرحمن، فتكون للشيطان قرينًا في النار.
قال أبو إبراهيم لابنه: أمعرض أنت عن عبادة آلهتي يا إبراهيم؟ لئن لم تنته عن سَبِّها لأقتلنَّك رميًا بالحجارة، واذهب عني فلا تلقني، ولا تكلمني زمانًا طويلا من الدهر.
قال إبراهيم لأبيه: سلام عليك مني فلا ينالك مني ما تكره، وسوف أدعو الله لك بالهداية والمغفرة. إن ربي كان رحيمًا رؤوفًا بحالي يجيبني إذا دعوته.
وأفارقكم وآلهتكم التي تعبدونها من دون الله، وأدعو ربي مخلصًا، عسى أن لا أشقى بدعاء ربي، فلا يعطيني ما أسأله.
فلما فارقهم وآلهتهم التي يعبدونها من دون الله رزقناه من الولد: إسحاق، ويعقوب بن إسحاق، وجعلناهما نبيَّين.
ووهبنا لهم جميعا من رحمتنا فضلا لا يحصى، وجعلنا لهم ذكرًا حسنًا، وثناءً جميلا باقيًا في الناس.
واذكر - أيها الرسول - في القرآن قصة موسى - عليه السلام - إنه كان مصطفى مختارًا، وكان رسولا نبيًا مِن أولي العزم من الرسل.