من المؤمنين رجال أوفوا بعهودهم مع الله تعالى، وصبروا على البأساء والضراء وحين البأس: فمنهم من وَفَّى بنذره، فاستشهد في سبيل الله، أو مات على الصدق والوفاء، ومنهم مَن ينتظر إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، وما غيَّروا عهد الله، ولا نقضوه ولا بدَّلوه، كما غيَّر المنافقون.
ليثيب الله أهل الصدق بسبب صدقهم وبلائهم وهم المؤمنون، ويعذب المنافقين إن شاء تعذيبهم، بأن لا يوفقهم للتوبة النصوح قبل الموت، فيموتوا على الكفر، فيستوجبوا النار، أو يتوب عليهم بأن يوفقهم للتوبة والإنابة، إن الله كان غفورًا لذنوب المسرفين على أنفسهم إذا تابوا، رحيمًا بهم; حيث وفقهم للتوبة النصوح.
وردَّ الله أحزاب الكفر عن «المدينة» خائبين خاسرين مغتاظين، لم ينالوا خيرًا في الدنيا ولا في الآخرة، وكفى الله المؤمنين القتال بما أيدهم به من الأسباب. وكان الله قويًا لا يُغالَب ولا يُقْهَر، عزيزًا في ملكه وسلطانه.
وأنزل الله يهود بني قريظة من حصونهم; لإعانتهم الأحزاب في قتال المسلمين، وألقى في قلوبهم الخوف فهُزموا، تقتلون منهم فريقًا، وتأسرون فريقًا آخر.
وملَّككم الله -أيها المؤمنون- أرضهم ومساكنهم وأموالهم المنقولة كالحليِّ والسلاح والمواشي، وغير المنقولة كالمزارع والبيوت والحصون المنيعة، وأورثكم أرضًا لم تتمكنوا مِن وطئها من قبل؛ لمنعتها وعزتها عند أهلها. وكان الله على كل شيء قديرًا، لا يعجزه شيء.
يا أيها النبي قل لأزواجك اللاتي اجتمعن عليك، يطلبن منك زيادة النفقة: إن كنتنَّ تردن الحياة الدنيا وزينتها فأقبِلْنَ أمتعكنَّ شيئًا مما عندي من الدنيا، وأفارقكنَّ دون ضرر أو إيذاء.
وإن كنتن تردْنَ رضا الله ورضا رسوله وما أعدَّ الله لكُنَّ في الدار الآخرة، فاصبرْنَ على ما أنتُنَّ عليه، وأطعن الله ورسوله، فإن الله أعد للمحسنات منكنَّ ثوابًا عظيمًا. (وقد اخترن الله ورسوله، وما أعدَّ الله لهن في الدار الآخرة).
يا نساء النبي مَن يأت منكن بمعصية ظاهرة يُضاعَف لها العذاب مرتين. فلما كانت مكانتهن رفيعة ناسب أن يجعل الله الذنب الواقع منهن عقوبته مغلظة؛ صيانة لجنابهن وجناب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك العقاب على الله يسيرًا.