فقضى الله خلق السماوات السبع وتسويتهن في يومين، فتم بذلك خلق السماوات والأرض في ستة أيام، لحكمة يعلمها الله، مع قدرته سبحانه على خلقهما في لحظة واحدة، وأوحى في كل سماء ما أراده وما أمر به فيها، وزيَّنا السماء الدنيا بالنجوم المضيئة، وحفظًا لها من الشياطين الذين يسترقون السمع، ذلك الخلق البديع تقدير العزيز في ملكه، العليم الذي أحاط علمه بكل شيء.
فإن أعرض هؤلاء المكذبون بعدما بُيَّن لهم من أوصاف القرآن الحميدة، ومن صفات الإله العظيم، فقل لهم: قد أنذرتكم عذابًا يستأصلكم مثل عذاب عاد وثمود حين كفروا بربهم وعصوا رسله.
حين جاءت الرسل عادًا وثمود، يتبع بعضهم بعضًا متوالين، يأمرونهم بعبادة الله وحده لا شريك له، قالوا لرسلهم: لو شاء ربنا أن نوحده ولا نعبد من دونه شيئًا غيره، لأنزل إلينا ملائكة من السماء رسلا بما تدعوننا إليه، ولم يرسلكم وأنتم بشر مثلنا، فإنا بما أرسلكم الله به إلينا من الإيمان بالله وحده جاحدون.
فأما عاد قوم هود فقد استعلَوا في الأرض على العباد بغير حق، وقالوا في غرور: مَن أشد منا قوة؟ أو لم يروا أن الله تعالى الذي خلقهم هو أشدُّ منهم قوة وبطشًا؟ وكانوا بأدلتنا وحججنا يجحدون.
فأرسلنا عليهم ريحًا شديدة البرودة عالية الصوت في أيام مشؤومات عليهم؛ لنذيقهم عذاب الذل والهوان في الحياة الدنيا، ولَعذاب الآخرة أشد ذلا وهوانًا، وهم لا يُنْصَرون بمنع العذاب عنهم.
وأما ثمود قوم صالح فقد بينَّا لهم سبيل الحق وطريق الرشد، فاختاروا العمى على الهدى، فأهلكتهم صاعقة العذاب المهين؛ بسبب ما كانوا يقترفون من الآثام بكفرهم بالله وتكذيبهم رسله.
ونجَّينا الذين آمنوا من العذاب الذي أخذ عادًا وثمود، وكان هؤلاء الناجون يخافون الله ويتقونه.
ويوم يُحشر أعداء الله إلى نار جهنم، تَرُدُّ زبانية العذاب أولَهم على آخرهم، حتى إذا ما جاؤوا النار، وأنكروا جرائمهم شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون في الدنيا من الذنوب والآثام.